أجمل ما فى السنوات الست الماضية سنوات المحنة والدمار والحصار والخيانات، إنها كشفت المستور وعرت الخونة وأظهرت خطط الاستعمار الجديد وفضحت ذيوله وأعوانه فى الداخل والخارج، فاكسبتنا وعيا جديدا بما يراد لنا وبنوعية الحروب التى تشن ضدنا، وفى المقدمة منها حروب الإعلام وترويج الشائعات والمعلومات المغلوطة.
فى هذه السنوات الرهيبة خسرنا كثيرا من الضحايا والموارد وتعطلت مسيرتنا التنموية وتعرضنا للحصار الاقتصادى، لكننا استفدنا كثيرا مما تعرضنا له بأن عرفنا أعداءنا جيدا ونزعنا أقنعتهم خصوصا فى الداخل، وزدنا مناعتنا كشعب وإدارة أمام موجات الهجمات المغرضة وغير الشريفة.
فى هذه السنوات سقطت آلهة الإعلام التى قدسناها لسنوات واغترفنا من أخبارها ونحن مغمضو العيون، وأعنى بها كبريات وكالات الأنباء، رويترز وأسوشيتدبرس والفرنسية التى ظللنا طويلا نعتبر أخبارها القول الفصل فى الأحداث إلى أن اكتشفنا أنها مجرد منصات استخباراتية تلون الأخبار والتقارير وتوجهها لتحقيق أهدافها وأهداف من ورائها، مثل أى دكان صحفى تحت السلم وإن كان ذلك يتم باحترافية أعلى، وعلى نطاق واسع يشمل العالم بأسره.
وشهدنا كذلك السقوط المدوى للمنظمات الحقوقية الكبرى فى العالم، وكيف يشتريها من يدفع أكثر، وكيف توجه تقاريرها بحسب بوصلة الاستخبارات المركزية الأمريكية التى تستخدمها فى احتواء الدول الأخرى، فتقارير هيومان رايتس ووتش المتتابعة عن مصر مثلا يعنى بدء صناعة صورة نمطية سلبية عنا وما يعرف بالسجل الحقوقى لمصر، وتدريجيا يتم تسويق هذه الصورة النمطية المشوهة فى خلفيات الأخبار والتقارير التى تبثها وكالات الأنباء الكبرى، حتى يستهلكها العالم شرقا وغربا وتصبح مادة للجدل والنقاش، وعندها يتحول السجل الحقوقى لمصر إلى بند على جدول أعمال رؤساء الدول حين يلتقون رئيس الدولة المصرية.
لا أحد يناقش تقارير وبيانات المنظمات الحقوقية الموجهة، رغم أنها فاضحة فى جهلها ولا مهنيتها وانحيازاتها، فهى تعتمد مثلا عما يروجه البعض على السوشيال ميديا، ونادرا ما تدقق معلوماتها وبياناتها وفق مصادر معتمدة أو وثائق رسمية، وهى دائما تنحاز للمجموعات الإرهابية المتطرفة فى البلاد العربية وتعتبرهم معارضين رغم أنهم يحملون السلاح ويخرجون على الدولة ويقتلون الأبرياء.
من هنا كلما بثت وكالات الأنباء بيانا أو تقريرا لهيومن رايتس ووتش وأخواتها، استعد لضحك كثير، لأن شر البلية ما يضحك، وبجاحة الأعداء ورغبتهم البائسة والمستميتة لتشويهك والنيل منك بالباطل، عادة ما تترك فى نفسك شعورا بالسخرية منهم والاستهانة بهم والضحك عليهم لدرجة القهقهة.