هل من الممكن أن يستيقظ السفاح البدين فى يوم غد أو بعد غد ويقول لمن حوله مثلا : لقد نويت التوبة عن الإجرام والإرهاب والتحول إلى رجل طيب يرعى مصالح شعبه ويقضى يومه فى سعادة وحبور وفى ركوع وسجود ، بدلا من أن يقضيه فى سفك دماء الناس ومساعدة من يسفكون دماء الناس ؟ !
هل من الممكن أن ينتفض السفاح البدين فى مجلسه - مثلا – ويقول لمن حوله لقد سئمت من إرهاب الناس وتقطيع أوصالهم بالسلاح والمتفجرات وأشعر بالحنين إلى حياة هانئة بريئة لا كذب فيها ولا قتل ولا اغتيال ؟ هل من المتصور أن ينتبه السفاح البدين فجأة إلى مساعديه من المجرمين فيصدر إليهم أوامره بالتوبة عن الإجرام وطرد جميع الإرهابيين والمجرمين من أراضى الدولة فورا ووقف برامج الإعلام التحريضية المساندة للإرهابيين لتحوم حمائم السلام فوق أراضى السفاح وجنته المصونة ؟ هل المتصور أن يحدث أى من السيناريوهات التى أشير إليها فى الواقع ؟
من الصعب تصور حدوث أى من هذه التصورات الفرضية أو السيناريوهات الفرضية فى الواقع ، إلا من باب الشفاء من الجنون ، وعلى أساس أن كل ما بدر عن السفاح البدين من أعمال إرهابية وتحريضية وغيرها إنما وقع منه كعارض من عوارض جنون عرضى أصابه فأصبح غير مسؤول عن تصرفاته حتى افاقته ، والله الشافى .
أما وأن الجنون العارض قد لا يستمر لسنوات طويلة ، فإن فرضية الرجوع عن الإرهاب من باب الشفاء من الجنون والعودة إلى العقل والرزانة قد تصبح غير واردة . ثم إن كافة أعمال الإرهاب هى أعمال عمدية يسبقها الترتيب والتدبير والتفكير الطويل والترصد والتصيد والمراقبة وغير ذلك من خطوات لا يقدم عليها إلا عاقل منتبه ملتزم للحرص والحيطة ، مما قد يقطع الشك باليقين ، ناهيك عما أصدره السفاح وأبوه من تصريحات سليمة ومباشرة لوسائل إعلام أجنبية وإعلاميين ذوى مكانة دولية من التزامهما بفكر يقضى بمعاونة والتعاون مع جماعات يعدها العقل الرشيد إرهابية ويدينها الواقع كجماعات إرهابية وإجرامية ، وتمويل تلك الجماعات بالسلاح وبالمال عند طلب هذه الجماعات . وبالتالى ، فلا السفاح البدين مجنون ولا هو عبيط أو غافل عما يفعل بالدول وبالشعوب من أضرار وخيمة ، وإنما هو شخص إرهابى مجرم خرج إلى إرهاب الناس وقتلهم عن إيمان وعقيدة مستغلا أمواله ومكانته وما تتيحه له من قدرات واتصالات يوظفها فى خدمة الشيطان الرجيم وفى خدمة مصالحه الخاصة .
إن الانقلابات وتاريخها الشهير فى عائلة السفاح البدين تشهد بميول السفاح وتطرفه وعنفه وميله إلى الاستيلاء على ما ليس له بالقوة وعدم احترامه لوازع من وطن أو دين أو غيره . فمن يخلع أباه خلع الباب المعطوب من مقعده ويرهبه إلى الأبد ، قد لا يتورع عن إزاء أو قتل أحد أو تخريب بلد ، وهو ما نراه من السفاح ونشهده كل يوم فى مواقع متباينة مع الإصرار والترصد .
فإذا انتهينا إلى كون السفاح مجرما قاصدا متعمدا ومخططا ومدبرا لما يفعله هو وما يفعله الآخرون من الارهابيين والمجرمين باسمه فى بلاد الله - مسترشدين بالواقع وبالتاريخ - فإن التساؤل يثور مرة ومرات أخرى عن الداخل ودوره فى التصدى للسفاح البدين قبل أن تدفع بلده كلها ثمن إجرامه وإرهابه الذى لن تنساه الشعوب التى أذاقها القتل وسقاها الدماء وزاد فى همومها هموما وأوحالا وحاول ضرب أنظمتها وفك أوصالها شمالا وجنوبا . لماذا يصمت الداخل ، بينما يواصل السفاح ضخ الأموال فى دماء الإرهابيين فى كل مكان ويحتال لذلك بكل الحيل ؟ أفلا يدرك الناس أن لكل شىء نهاية ؟
التقديرات تشير إلى مخزون هائل من الغاز ومن البترول يعين على استمرار تدفق الدولارات بهذا المعدل العالى لعقود قادمة – طبعا بفرض ثبات العوامل الأخرى التى قد تؤثر فى الإنتاج أو فى المخزون أو فى القدرة على الإنتاج أو فى الإقبال على الإنتاج إلى آخره – وهذا شىء جيد لأهله متعهم الله به ما لم يضروا العالم بما فتح الله عليهم به من النعمة ليضلوا عن سبيله ويشعلوا النيران فى أرضه بغير الحق ، ويهلكوا الحرث والنسل . فإن اعتدل الناس وأخذوا بناصية مسؤوليتهم ووقوا الناس شر سفاحهم وشر أموالهم الدائرة فى الأرض بالفساد ، فقد كان ، ووقى الله الناس شر القتال . وإن أداروا ظهورهم وولوا الأدبار إلى تجارة أو عبث أو غير ذلك ، فإن غدا لناظره قريب . ذلك أن الكل فى أرجاء العالم يرى ويسمع ويشهد القتل والدمار ، والكل يعلم أن عمر الشر قصير وإن طال .
أما أن ما استثمره السفاح من مال وطاقة فى قطاعى التعليم والخدمات المالية قد أسهم فى تشجيعه على غيه وإجرامه وصوغ له غسيل العقول وتلقينها بما يحب فى الداخل ، وفتح قنوات لأمواله لتغزو بلاد العالم بالدم والخراب ؟ حفظ الله مصر ورئيسها ووفقه الى الخير كله .