لماذا يصر بعض من يطلقون على أنفسهم اسم «رجال دين» أن يقوموا بدور الوصى أو المراقب على حياة الآخرين وآرائهم وصفحاتهم الشخصية، يقتربون إلى درجة سماع النفس ودقة القلب، ثم يعلنونها حربا شعواء باسم «الفضيلة والأخلاق».
هذه الأيام أثيرت أزمة من جانب الشيخ خالد الجندى ضد الكاتب والإعلامى خالد منتصر بعدما نشر الأخير على صفحته «الشخصية» بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» صور تمثال «اغتصاب بروزربينا»، وقال إن الاغتصاب فعل بغيض تحول إلى لوحة بديعة، وكتب أيضا «أى موضوع ممكن يبقى فن بس المهم التناول، حتى موضوع الاغتصاب البغيض الكريه صار منحوتة بديعة بسحر الفن ولمسته الكهربية الغامضة»، وتابع: «اغتصاب بروزربينا The Rape of Proserpina هى منحوتة فنية مشهورة أبدعها النحات الإيطالى جيان لورينزو برنينى عندما كان فى الـ23 من عمره، أى فى العام 1621. والمنحوتة المصنوعة من الرخام الإيطالى الفاخر، يبلغ طولها 295 سنتيمترًا وهى معروضة حالياً فى غاليريا بورغيز بمدينة روما الإيطالية».. بينما رد خالد الجندى فى أحد المواقع يقول: «لا يستطيع إنسان محترم عرض ما نشره خالد منتصر على أمه أو أخته أو زوجته أو ابنته».
والسؤال: «هل يثار الإنسان عندما يرى تمثالا عاريا؟ ولو حدث ذلك فأين تكمن الأزمة فى التمثال أم فى الإنسان؟ وما نوع الفجور الذى تدعو إليه لوحة فنية أو تمثال جميل؟.. الغريب أن التمثال الذى عرضه خالد منتصر يعبر عن الاغتصاب وألمه، يعنى من يراه يعجب بصنعته وإتقانه لكن لا تذهب نفسه إلى شىء آخر».
كما أننى لا أعرف المنطق الذى يؤمن به بعض رجال الدين والقائل بأن الشيطان يكمن فى كل شىء، فى التفاصيل وفى الكليات، فى الهواء الذى نتنفسه والطعام الذى نأكله، كأنه يمسك بأيدينا يقودنا إلى الجحيم، ونحن لا حول لنا ولا قوة فى أى شىء.
ولا أعرف لماذا لا يجرب الشيوخ القراءة فى علم الجمال حتى يدركون قيمته ويعرفون فضله، وعلى المستوى النفعى والتجارى ربما يستفيدون منه فى التأثير على مريديهم وأتباعهم ويعلمونهم حب الحياة بدلا من أن يعلموهم حب الموت وكراهية الوجود؟.
ولماذا يتعامل الشيوخ مع الأم والأخت والزوجة على أساس أنها الحلقة الأضعف فى الإنسانية، فكلما حدث شىء قالوا لك هل تستطيع أن تعرضه على زوجتك وأمك وأختك، مستشهدين بما قاله الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام عندما ذهب إليه شاب يطلب منه إذنا بالزنا، لكن هذا القياس لا يصح فى كل شىء، فهل لو أجاب أحد بأن نعم يمكنه أن يعرض هذه الصور على زوجته لأنها متفهمة أن هذا عمل فنى تصبح رؤية هذه التماثيل حلالا من وجهة نظر الشيخ؟
لا يزال شيوخنا يناقشون أمورا تجاوزها الزمن، يعيدون ويزيدون فيها، لا يملكون رؤية مستقبلية، ولا حلولا لأزمات حقيقية، ليس سوى الكلام المكرور وفقط.