الاقتصاد المختلط هو "الحل السياسى"

إن تحديد المذهب الاقتصادى فى أى بلد يشكل المنهج السياسى للحكم، لذا ولكى نضمن لمصر الحرية السياسية الكاملة ويصل الحال إلى أن يحكم الشعب نفسه بنفسه ، يجب أن نعرف المسار الاقتصادى المؤدى إلى تحقيق الحرية الصحيحة .

إن كان ضمان الحرية السياسية يأتى من خلال النهج الاقتصادى المتبع فى أى بلد، إلا أنه ليس هو الغرض الوحيد . فلا يجب أن نقصر غرض أى نظام اقتصادى فى مصر على هدف تحقيق العدالة الاجتماعية والحرية السياسية فقط، فلا يستطيع الفرد أن يتكلم عن الحرية السياسية قبل أن يأكل، فإذا تكلمت مع الفقراء ومحدودى الدخل مثلا عن حرية الانتخابات واختيار أعضاء لمجلس النواب فإنه لن يتجاوب معك إلا بلغة المال أو الدين لأنه يريد مما يسئ إلى الحرية فى بلد مثل مصر أن يترك الناس جوعى فيسهل استغلالهم لحشد الأحداث. فهذه الوسيلة (المال أو الدين) قد صادرت حريتهم لفترات طويلة عبر التاريخ، وكلنا نتذكر موضوع انتخابات برلمان الإخوان وبعض تجاوزات مجلس نواب 2015 فكل هذه الممارسات ما هى إلا مصادرة للحرية السياسية ، فلو أن الوضع المالى للناس حسن فلن يأتيه من يساومه على شراء حريته . ومن هذا المنطلق يأتى دور المذهب الاقتصادى المناسب لحل تلك المشكلة السياسية والاقتصادية معاً. فالنظام الاقتصادى "الوسطى المختلط" بالتأكيد هو المخرج المناسب فى مثل هذه الحالات، انظر إلى فرنسا الآن ، الانتخابات ذات الاختيارات الحرة وبالتالى تأتى الحرية السياسية الصحيحة كاملة ونزيهة، لا يوجد من يشترى الأصوات ولا تؤثر الكنيسة على الشعب ليسوقوه كالقطيع لدعم مرشح أو جماعة بعينها، ولا توجد مجموعات تملك كيانات اقتصادية عملاقة منفردة تستطيع أن تحشد ذويهم للتصويت الجماعى لهم. والدليل فى مصر على ذلك أنك لا ترى مثل هذه الممارسات فى القاهرة أو الإسكندرية أو المدن الكبرى لأن الشعب مثقف ومتحرر ووضعهم المالى أفضل. فالخلاصة كلما انخفض مستوى المعيشة وضعف الوضع الاجتماعى، فلا توجد حرية سياسية كاملة طالما أننا لم نأكل بعد، فالكلمة الحرة لا تصدر من فم جائع. فلا بد أولاً أن يأكل الشعب كله لكى نطبق بعد ذلك الحرية السياسية الكاملة الصحيحة، ولذلك فعندما جاءت ثورة يناير 2011 ثم ثورة يونيو 2013 ، لم يكن الهدف اقتصادياً فحسب وإنما سياسياً أيضاً فعندما نادى السيد الرئيس السيسى بتعديل القوانين فى مجلس النواب ووضع برنامج اقتصادى طموح من قبل مجلس الوزراء لعرض على مجلس النواب، كان هذا كله لرفع مستوى أداء الاقتصاد المصرى وتقليص الفوارق بين الطبقات وتحسين مستوى الخدمات العامة وتحقيق قدر مناسب من العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. بحيث لم يكن من الممكن أن نقيم حرية سياسية صحيحة فى مصر، من خلال الدستور والقوانين فقط، وبدون أن نسعى لرفع مستوى معيشة كل الطبقات الاجتماعية، وذلك ببساطة لأن كل حرية سياسية قبل ذلك تعتبر عبثاً. وفى النهاية فكلما ارتفع مستوى معيشة الطبقة العريضة من شعب مصر كلما تقدمت الحرية السياسية. والنظام الاقتصادى الوسطى المختلط والذى يشجع العمل الفردى ويضمن العمل الجماعى فى منظومة متكاملة، لا يستغل فيها طرف الطرف الآخر، يخدم الحرية السياسية الكاملة، والحرية هى الأخرى تخدمه أيضاً، فالواقع أن هذين هما الجناحان للنظام الذى يجب أن نقيمه ولا نتخلى عنه أبداً إن كنا نريد أن يحكم مصر شعب مصر وليس فئة بعينها ويسود السلام الاجتماعى المنشود. • أستاذ الاقتصاد السياسى والمالية العامة – جامعة القاهرة .



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;