من رزق الله لمصر أن الجميع يعرفونها ويعرفون حضارتها ويشيدون بها فى المحافل الدولية، وذلك شىء طيب ومهم فهو يختصر علينا الكثير، هذه المعرفة العالمية بالحضارة المصرية بآثارها المنتشرة فى كل الدنيا تجعلنا لسنا فى حاجة لنقول للعالم «لدينا ما يمكن أن تشاهدوه»، فهم يعلمون ذلك، نحن نحتاج لما بعد هذه البدايات، ومن ذلك أن نستفيد من إشادة الآخرين بحضارتنا وبتاريخنا وبآثارنا.
مؤخرا قام الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بزيارة مهمة إلى الصين، وهناك قال ترامب للرئيس الصينى شى جين بينج، إنه يعلم أن الحضارة الصينية عمرها 5 آلاف عام، ليرد رئيس الصين نعم، لدنيا تاريخ مكتوب منذ 3 آلاف عام»، وهنا قال له «ترامب» لكن الحضارة المصرية، أقدم من الصينية، فاعترف الرئيس الصينى نعم.. لكن نحن الحضارة الوحيدة المستمرة والمتواصلة منذ ذلك الوقت، نحن نطلق على أنفسنا أحفاد التنين».
كلام ترامب عظيم ومهم، لكن للأسف لم أسمع فى مصر صدى لهذا الحوار المهم الذى دار بين أكبر شخصيتين عالميتين حاليا بمقاييس السياسة والاقتصاد فى العالم كله، هذا الكلام مر ولم تتوقف عنده وزارتا السياحة والآثار، فقط الدكتور زاهى حواس بصفته عالم مصريات ورجل آثار معروف عالميا ويعرف قيمة ما يقال أشاد بما قاله ترامب ورأى أنه دعاية مهمة يمكن استغلالها لزيارة مصر، كما أنه قال علينا أن ندعو ترامب لزيارة آثار مصر خاصة الأهرامات.
أقول لم تستغل الوزارات المعنية ذلك الأمر حتى ولو ببيان من وزارة الآثار يفيد بأنها ستفكر فى إقامة معرض خارجى كبير فى الولايات المتحدة الأمريكية، وأنها ستقدم دعوة للرئيس الأمريكى لافتتاحه، كذلك وزارة السياحة لم تستغل الأمر أيضا وتنظم أى شىء خاص بأمريكا وسياحها، مع أن الوزارتين تعرفان جيدا أن الشعبين الأمريكى والصينى على الأقل استمعا إلى الحوار بين ترامب و«شى جين بينغ» وفكرا فى تاريخ الحضارتين وقارنا بينهما وربما فكر البعض فى زيارة إحدى الحضارتين الكبيرتين.
سأقول كلاما من وجهة نظرى، وعلى رجال الإعلان تأكيده أو نفيه، ما فعله ترامب يفوق أى إعلان عالمى يمكن أن يدور عن الحضارة المصرية وتاريخها، وذلك لسببين الأول هو أن كلام الرئيس الأمريكى وإشادته غير مدفوعة الأجر، بل تعبير عن رأى يخصه، أو ربما له غرض سياسى معتمد على حقيقة تاريخية قصد من ورائه الحد من كلام الرئيس الصينى، وأن يقول له هناك من هو أقدم منكم وأكثر تأثيرا، السبب الثانى الذى يجعل كلام ترامب مهم ويحمل ثقلا كبيرا هو أن كلامه عن مصر كان فى مواجهة الحضارة الصينية والتى لها تاريخ لا ينكره أحد.
أقول.. لا يزال أمامنا وقت للاستفادة من هذا الحدث ومن غيره من الأمور التى دائما ما تكون فى صالحنا، والسياحة فى مصر تحتاج إلى تضافر كل الجهود والاستفادة من أنصاف الفرص، وعلى وزارة الآثار أيضا أن تقوم بدورها فى ذلك.