على مدار السنوات الماضية، أصدر شيوخ فى التيار الإسلامى وأساتذة فى جامعة الأزهر، وعلماء منتمون لمؤسسات دينية مرموقة، فتاوى تتصادم مع العقل والنقل، تثير الجدل والاشمئزاز، تنازع الإنسانية، تفتقد الحكمة، تخالف الواقع، وعندما يضيق الخناق على أصحاب هذه الفتاوى من الرأى العام اعتراضًا وانتقادًا لما يقولونه، يردون علينا بضمير مُستريح :"هذه الفتاوى موجودة فى كتب التراث الدينى" وكأن هذا التراث وحيًا منزلًا من عند لله لا يمكن نقده أو تنقيحه أو تنقيبه.
ومن ضمن الفتاوى التى أثارت حالة من الجدل "إرضاع الكبير، ومعاشرة الزوجة بعد وفاتها فيما يسمى بلقاء الوداع ومعاشرة البهائم".. فأغلب هذه الفتاوى وفقا لقائليها موجودة فى التراث الإسلامى، فهل نحن لا نمتلك الشجاعة بأن نُقر ونتعرف بأن هذا التراث يحتاج إعادة نظر فى التعامل معه وأنه ليس مقدسًا، حرام الاقتراب منه أو الانتقاد؟
مع كامل الاحترام والتقدير للتراث الدينى وما يحتويه من ثراء علمى، لكنه يحتاج من المؤسسات المتخصصة أن يدققوه ويضبطوه ويفحصوه ليفضحوا ما يخالف منه جوهر الدين ورسالة الإسلام، فالتراث الإسلامى شئت أم أبيت صناعة إنسانية وكل بنى آدم خطاء.
لماذا نتمسك بوجهات نظر وآراء لأئمة وشيوخ وعلماء كانت تصلح لعصرهم وزمانهم ؟ لماذا نربط واقعنا الحالى بفتاوى كان لها حيثيات قديمًا وحديثا لها أضرار ؟ لماذا الحرص على أقاويل تفتقد الرشد والحكمة ؟ ولماذا نتشبث بقول الإمام الفلانى، ورأى العالم العلانى، وفتوى مولانا وطريقة الشيخ، ونترك القرآن الكريم المعجزة الخالدة والسنة النبوية الصحيحة .
بعض المسائل فى التراث تدعونا لتصديق الرأى المطروح من قائله دون جدال أو مناقشة، بينما يدعونا القرآن الكريم إلى التفكير والتدبر والتأمل وإعمال العقل، فلماذا نستبدل الذى هو أدنى بالذى هو خير ؟ لماذا نحرص على إرث يتضمن خيرا وشرا، ونترك الخير كله الموجود فى كلام الله ورسوله ؟ ولماذا يتم تخويفنا بإشهار كلمة "التراث الدينى" فى وجوهنا ؟ وإلى متى نظل خائفين من تنقيح التراث الدينى ؟ ولماذا سنظل نتعامل مع التراث الدينى على أنه مقدس لا يدخل بعض محتواه فى حيز الخرافة والشعوذة والأساطير والشكوك والتناقض والتنفير والتفجير؟.
علينا أن نضع القرآن الكريم والسنة الصحيحة مقياسًا، فإذا كان رأى أيا كان فى التراث الدينى سواء عالم أو فقيه يخالف كتاب الله علينا أن نضرب به عرض الحائط ونعتبره قول زور وبهتان وكذب صريح على الله ورسوله.
ملاحظة أخيرة: لا نعتبر سالف الذكر مهاجمة للدعوة أو انتقادًا للعلماء ولكنها باختصار دعوة صريحة للعودة إلى صحيح الدين وجوهره، وفقنا الله لما يحبه ويرضاه، وللحديث بقية.