مشروعات إصلاح الشرطة

هناك خلل يحتاج للعلاج قبل فوات الأوان بعد ثورة 25 يناير ارتفعت النداءات بضرورة إصلاح جهاز الشرطة، والإصلاح فى مفهومه الصحيح هو الانتقال من حال سيئ إلى حال أفضل، وفى حالة الشرطة فإن الإصلاح يعنى عدم وضع هذا الجهاز فى مواجهة عدائية مع الشعب.

وبالطبع فإن البلد القوى يمتلك جهاز شرطة قويا، لكن فى نفس الوقت مفهوم القوة يختلف باختلاف الوعى فى النظرة إلى مهمة هذا الجهاز، فهناك من يرى معنى القوة فى بث الرعب لدى المواطنين، وهناك من يرى معناها فى شيوع العدل بجعل الناس سواسية أمام القانون، ولا فرق فى ذلك بين رئيس ومرؤوس، وبين غنى وفقير، وبين ضابط وخفير، والدول الديمقراطية هى التى تقترب من تحقيق معادلة العدل بضمان تطبيق القانون على الجميع دون استثناءات فى ذلكو.

وتأسيسا على ذلك فإن النظرة مثلا إلى ممارسات أى مؤسسة فى الدولة بمعزل عن المؤسسات الأخرى يعد تسطيحا للأمور، نعم هناك من يسعى إلى البناء والتصحيح، ومثل هؤلاء موجودون فى كل زمان ومع أى نظام سياسى، لكن سيبقون مجرد حالات لو كان التوجه السياسى العام لا يسير فى اتجاه البناء والتطور.

وفى مسألة الجدل المحتدم حول ممارسات أمناء الشرطة، ودعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى إصدار التشريعات الواجبة التى تواجه أى انفلات منهم، نحن أمام حالة لا يصح النظر إليها بمعزل عن البيئة المحيطة بها، فالعطب الذى أصاب المجتمع وتمكن من مؤسسات مختلفة فى الدولة يؤدى تلقائيا إلى تفشى الممارسات الخاطئة التى تصل إلى حد الهدم، وممارسات أمناء الشرطة ينطبق عليها ذلك، وبقدر ما نحتاج إلى أى اقتراحات بناءة لإصلاح هؤلاء نحتاج إلى اقتراحات بناءة لإصلاح جهاز الشرطة ككل.

ويقودنا الحديث عن اقتراحات إصلاح جهاز الشرطة إلى ضرورة التذكير بأن هناك بالفعل اقتراحات موجودة لدى مؤسسات للمجتمع المدنى جرى إعدادها، بل إن بعضها تم تقديمه إلى وزارة الداخلية، مثل المشروع الذى أعده الدكتور سعد الدين إبراهيم رئيس مركز ابن خلدون للدراسات الاجتماعية، ونشط الكلام عن هذه الاقتراحات بعد ثورة 25 يناير، وحسب الدكتور سعد فإنه سلم هذا المشروع إلى وزير الداخلية الأسبق منصور العيسوى، وهناك أيضا مشروعات أخرى منها مشروع للناشط الحقوقى ناصر أمين رئيس لجنة الشكاوى بالمجلس القومى لحقوق الإنسان، كما أن البرلمان المصرى عام 2012 وعبر لجنة الدفاع والأمن القومى تلقت مشروعات من جهات حقوقية مختلفة حول هذا الموضوع.

وبناء على ما سبق فنحن أمام مبادرات وطنية دوافعها الأصلية أن يكون لدينا جهاز أمنى داخلى قوى، ولكن وفقا لفلسفة جديدة تحترم حقوق الإنسان وتحافظ وتصون دولة القانون بشكل صحيح، وتؤكد أنه وبعد ثورة 25 يناير لا يمكن أن يكون الحال كما كان قبلها، وقدمت هذه المبادرات تشخيصا لأحوال جهاز الشرطة، ومعالجات فنية ومهنية لتطويره، فلماذا لم يتم الالتفات إليها؟ ولماذا تم وضعها جميعا فوق الرف؟ يمكن تفهم أننا مررنا بفترة حكم الإخوان، وكان هناك مخاوف حقيقية من استثمار الجماعة للدعوات النبيلة لإصلاح الشرطة بتحويلها لصالح أهدافها، غير أنه ومع زوال حكم الجماعة لم يعد هناك مبرر لبقاء الحال كما كان من قبل، ولم يعد مقبولا أن يتم سد الأذان أمام أى دعوة جادة وبناءة فى هذا المجال.

إذا كنا بالفعل نحتاج إلى وضع روشتات لعلاج هذا الخلل الذى يشعر به الناس، فلابد أن نعلى صوت العقل ليس بالوقوف خلف حجج أن ما يحدث مجرد ممارسات فردية، وإنما بالتسليم أن هناك خللا يحتاج إلى علاج قبل فوات الآوان، ولنبدأ بالنظر بجدية فى المشروعات المقترحة لإصلاح الشرطة.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;