الإرهاب لا يرتكب جرائمه فى مصر وحدها، وإنما تتحرك عناصره فى كل دول العالم تقريبا، والذئاب الشاردة لداعش تقتل وتدهس وتطعن وتفجر بضراوة فى أركان الأرض الأربعة، والدول الغربية الكبرى فى حالة فزع لأن الآلية التى تتحرك بها ذئاب داعش أسهل كثيرا من تكتيكات القاعدة التى تستهدف مصالح غربية مؤثرة أو السيطرة على بلاد بأكملها لإعلانها مناطق محررة.
ذئاب داعش أشبه بالفيروسات القاتلة التى تصممها «سى آى إيه» فى معاملها لتجربها فى البلدان الأفريقية الفقيرة، يمكن أن تنتشر بسرعة كبيرة وتقتل فى مناطق متنوعة بكثافة دون أن يمكن السيطرة الكاملة عليها، فماذا يمكن أن تفعل أوروبا والغرب عموما فى مواجهة هذا الكابوس ؟
الغرب تصور فى السنوات الماضية أنه قادر على تصميم الحروب المدمرة والنعرات الطائفية والثورات الاجتماعية والجماعات المتطرفة وتحريكها عن بعد بالريموت كنترول لإعادة تخطيط الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إنشاء دويلات جديدة، تدمير دول مستقرة وقائمة، الإعلاء من جماعات إثنية على حساب أخرى، بدء عهد جديد من الاستعمار الغربى للمناطق البدائية ذات الثروات الطبيعية الهائلة وتجديد منهج الإفقار القديم الذى نهبت بواسطته أوروبا والغرب ثروات الشعوب العربية والأفريقية وسيطرت على نخبها السياسية حتى صات التبعية منهجا لإدارة العالم الثالث.
نعود للسؤال: ماذا ستفعل أوروبا والغرب فى مواجهة الحرب التى أعلنتها ذئاب داعش الشاردة؟ وماذا ستفعل مصر والدول العربية؟ هل سنكتفى بالحلول الأمنية ومطاردة الجناة بعد كل عملية إجرامية مذبحة هنا أو فى باريس أو لندن أو برلين؟ أم أن على الدول الغربية الاعتذار عن انصياعها للمنهج الأمريكى المدمر والمعروف بالفوضى الخلاقة وبدء مشروع جديد من الإعمار والبناء للدول المتضررة جنوب وشرق المتوسط لمساعدتها على تحجيم الإرهاب الذى يرفع شعار الإسلام، على غرار مشروع مارشال لإعادة بناء أوروبا بعد الحرب.
باختصار نحتاج فى الدول العربية جنوب وشرق المتوسط إلى مشروع مارشال جديد، يقوم على مواجهة الإرهاب بالتنمية وتحسين شروط المعيشة للسكان فى المناطق الفقيرة والمحرومة، حتى يتم تجفيف منابع التطرف والإرهاب والهجرة غير الشرعية من الجنوب إلى أوربا، فهل تراهن الدول الغربية على المواجهة الحقيقية للإرهاب؟