أيام معدودات تلك التى تفصل بين الحادث الإرهابى الغادر للمصلين فى مسجد الروضة بسيناء الذى راح ضحيته حوالى 310 شهداء وعشرات المصابين وبين احتفالنا كمسلمين بمولد النبى المختار عليه أفضل الصلاة والسلام..
وللأسف ما ألصقه هؤلاء الإرهابيون السفاحون الذين لا ينتمون للإسلام إلا أسما فقط فاق كل حد.. فمن قرأ فى سيرة النبى العظيم محمد بن عبدالله.. لا يجده إلا رحيما يدعو للرحمة.. زاهدا يحب الفقير.. عادلا لا يعرف فى قلبه الظلم.. خلوقا يدعو لمكارم الأخلاق.. تترقرق عيناه بالدموع إذا رأى مسكينا فكيف يكون الإسلام قاسيا يقتل بدم بارد طفل رضيع أو شيخ عاجز.. أو ينتهك حرمات النساء..
ألم ينهَ الرسول الكريم فى أوقات الحروب عن قطع شجرة أو قتل شيخ أو طفل أو أمراة.
هكذا كان يعامل الرسول أعداءه فى وقت الحرب فما بالكم فى أوقات السلم والسلام.
لقد قامت الدنيا ولم تقعد لأن الأزهر الشريف لم يكفر هؤلاء الإرهابيين.
إن للتكفير شروطا لا تنطبق على هؤلاء للأسف فهم يؤمنون بوجود الله لكنهم يكفرون غيرهم.. من لا يؤمن بأفكارهم.. فهل نكون مثلهم ونرتكب المعصية.. فتكفير إنسان بدون أدلة لهو الذنب عظيم.
والحقيقة أننا ما ينبغى الاهتمام به أكثر هو تحسين صورة الإسلام..
نحن فى زمن تختلط فيه الأمور ويصدق فيها الكاذب ويدعى الجاهلون المعرفة.. ويمتلك القوة الغاشمون بلا عقول..
لابد أن نهتم أن نعيد لرسالة الإسلام قدسيتها ونقاءها.. لا أن نكفر هذا وذاك فهل بتكفيرينا لهم سيتوقفون عن جرائمهم ومعاصيهم.. لا أعتقد
فهم بشر قد خربت عقولهم وفسدت نفوسهم بقول باطل ظاهره حق وباطنه فساد وكذب..
ولكم فى رسول الله أسوة حسنة.. راجعوا تاريخ رسولنا الكريم فى تعامله مع كفار قريش عند فتح مكة.. عندما كان فى مركز قوة وقد أوذى هو وأصحابه من الكفار طويلا..
ولكن طبق قاعدة إسلامية مهمة وهى «العفو عند المقدرة».. وقال لهم كلمته الشهيرة اذهبوا فأنتم الطلقاء.. فكان من الممكن أن ينكل بهم لكنه اختار أن يكون عفوا رحيما.
كيف يكون هناك رسول رحيم كريم عفو مبارك صادق.. ويلصق المتأسلمون الإرهابيون الذين يدعون كذبا أن دين الرحمة هو دين يدعو إلى القتل.. قتل العزل من السلاح.. قتل الأبرياء من المدنيين.. تكفير المسلمين وأهل الكتاب.. والله ما عرفوا عن رسولنا قيد أنملة.. فقد قال الله تعالى فى كتابه الكريم.
«وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» صدق الله العظيم
فكيف تجتمع القسوة مع الرحمة فى قلب واحد.. لا يتسعان..
أعتقد أن الواجب لا يقع فقط على مؤسسة الأزهر الشريف فهى لن تستطيع الوصول إلى كل بيت وكل زاوية وكل نجع وكل قرية.. لكننا علينا أن نبدأ بأنفسنا.. بأولادنا.. بأصدقائنا.. بجيراننا.. فالبداية تكون مجرد شرارة بعدها تتحول الشرارة إلى جذوة وبعدها تتحول الجذوة إلى حريق كبير يلتهم النفوس ويقضى على العقول وتنطفئ النفس الطيبة لتستبدل بنفس خبيثة تستحل الدم والقتل وسفك الدماء.
حاوروا أولادكم لا تتركوهم عرضة لغسيل المخ الذى تلجأ إليه تلك الجماعات الإرهابية.. تعرفوا على أصدقائهم وكيف يقضون أوقاتهم خارج المنزل.. راقبوا ما يقرأون وما يشاهدون..
لا تكونوا مجرد مضخة للأموال، فالتربية الصالحة هى الدور الرئيسى الأسرة التى ستؤسس لمجتمع صالح يواجه الظلم والعنف..
ولكم فى رسول الله أسوة حسنة..