غادر الفريق أحمد شفيق مقر إقامته بالإمارات الشقيقة، بعد إحباط مخططه لإحراج مصر والإمارات معا ومحاولة إعادة سيناريو رئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريرى، بأنه محتجز وغير مسموح له بالتحرك والسفر للقاء الجاليات المصرية بالخارج لإقناعهم بمنحه أصواتهم فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، وفوجئ بأن الإمارات الشقيقة تسمح له بالسفر، وهدمت له صومعة المظلومية التى شيدها مبكرا.
أحمد شفيق قرر وبإرادته الحرة أن يضع يده فى يد الإخوان وقناة الجزيرة وجبهة العواطلية بقيادة ممدوح حمزة، وأسند مهام المتحدث الرسمى لحملته إلى بائع التويتات المتجول «حازم عبدالعظيم»، مثلما قرر الهرب خوفا ورعبا من جماعة الإخوان الإرهابية عقب فشله فى الفوز بمقعد الرئاسة فى 2012.
الأخطر ليس فى مد جسور الود بينه وبين الإخوان وكل من يعادى مصر من قطر وتركيا، ولا بأدعياء الثورية الذين شوهوا صورته عندما كان رئيسا للوزراء، ثم مرشحا للرئاسة، ولكن فى خطته بالذهاب إلى باريس واتخاذها مقرا انتخابيا ومحاولته ارتداء عباءة «الخمينى» الذى كان يقيم فى فرنسا، وخطط للثورة الإسلامية فى إيران، والتى نجحت بالفعل عام 1979، فى الإطاحة بالشاه رضا بهلوى، وعاد من باريس إلى طهران ليضع دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية مستحدثا لنفسه هذا المنصب كأعلى سلطة سياسية ودينية فى بلاده.
هكذا رسم أحمد شفيق سيناريو السيطرة على حكم مصر، بأنه يتوجه إلى فرنسا ويتخذ من باريس مقرا لحملته الانتخابية ويرتدعى عباء «الخمينى» ثم يعود ليجلس على عرش مصر «كمرشد أعلى للبلاد»، ويضع يده فى يد كل من كان يخشاهم ويرتجف خوفا ورعبا عندما يسمع أسماءهم، سواء الإخوان الإرهابيين أو كهنة يناير الذين أسقطوه 3 مرات، الأولى عندما كان وزيرا للطيران فى نظام مبارك، وسقط مع سقوط النظام، والثانية عندما كان رئيسا للوزراء، والثالثة عندما خاص انتخابات الرئاسية أمام المعزول محمد مرسى العياط، وأسقطوه بعد تهديدهم بحرق مصر فى حالة نجاحه.
ما يفعله أحمد شفيق ليس انتحارا سياسيا، فحسب، ولكن أمر جلل، لرجل يترنم بأنه أحد أبناء المؤسسة الوطنية، التى ترفع شعار التضحية بالروح والنفس فى سبيل الدفاع عن الوطن ورفع رايته عاليا، فكيف له أن يضع يده فى يد كل الخونة فى الداخل والخارج، ويقبل على نفسه أن يكون عروسة ماريونيت، خيوطها فى أيدى قطر وتركيا وإيران..؟
شفيق، بدلا من أن يطمئن ويستريح وهو على أعتاب الثمانين عاما من عمره، أن مصر عادت بقوة لأبنائها المخلصين بعد اختطافها على يد جماعات إرهابية، وأن الذى يجلس على سدة الحكم حاليا وضع كفنه على يديه واتخذ قرار الوقوف مع الشعب، ثم اختاره المصريون فى شبه إجماع رئيسا للبلاد، بدأ فى خوض معركة المؤامرة الكبرى على الوطن، ويستعين بكل خصومه وخصوم مصر لإحداث فتنة فى الداخل، وهو يعلم علم اليقين أن هناك حالة غضب شديدة ضده، وإذا خاض الانتخابات بالفعل لن يحصل على صوت وطنى واحد، بعد استعانته بكل خصوم الوطن لمساندته فى معركة الرئاسة.
هذا السيناريو كشف ادعاء أحمد شفيق بالوطنية والخوف على مصر، وأنه ابن للمؤسسة العسكرية الوطنية، وتبين أن الأمر ليس له علاقة لا من قريب أو بعيد بالمصلحة العامة للوطن، وإنما الهدف فقط تحقيق مصالح خاصة، واضعا يده فى يد من كانوا بالأمس يهتفون ضده فى الميادين، ويعقدون المؤتمرات المساندة لمنافسه محمد مرسى فى فيرمونت، ويهددون، بإحراق مصر لو فاز، ونفس الأمر نجد هؤلاء الذين هددوا بحرق مصر لو نجح شفيق، يدافعون عنه أيضا، ليس من باب المراجعات الفكرية، أو الندم، ولكن من باب خصومتهم الشخصية وليس السياسية، مع نظام السيسى.
هذا الانقلاب الدراماتيكى، فى العلاقة بين شفيق من ناحية وبين أدعياء الثورية والإخوان وقناة الجزيرة، من ناحية ثانية، ما بين العداء الشديد والاستماتة فى استبعاده من رئاسة الحكومة، ثم منعه بالقوة والتزوير من الوصول لمقعد الرئاسة، والتجهيز لتقديمه للمحاكمة، إلى المساندة والدعم له، حاليا، وهو ما يعد انتحارا للمبادئ والقيم الأخلاقية والوطنية.
الفريق أحمد شفيق، ارتضى أن يكون طعما فى سنارة مؤامرة قطر والإخوان، لضرب الاستقرار الداخلى لوطنه مصر، والإساءة البالغة للدولة التى احتضنته عندما هرب من تهديدات الجماعة الإرهابية التى وضع يده فى يدها الآن، منكرا جميل كبير للأشقاء الإماراتيين، لا يمكن لوطنى مصرى محب لبلاده، أن يسىء مجرد الإساءة لدولة شقيقة داعمة سياسيا للقاهرة فى أحلك ظروفها السياسية عقب ثورة 30 يونيو تحديدا وعدم اعتراف معظم دول العالم بها!!
وخطة شفيق بمغادرة الإمارات والسفر إلى باريس، فشلت بعد قبض السلطات الإماراتية عليه وترحيله للقاهرة- حتى كتابة هذه السطور وقبل مثول الصحيفة للطبع.
ونقول لشفيق، حضرتك ليس «خمينى» ولا مصر دولة «شيعية»، ولا الشعب المصرى سيقبل عودة الإخوان مرة آخرى، وإنك مسحت تاريخك بأستيكة يمتلكها كل أعدائك..!!
ولك الله يا مصر..!!