العالم الآن فى مفترق طرق، إما تدعيم القانون الدولى والمؤسسات الأممية لضمان الأمن والسلام العالميين، أو الاستسلام للحالة الهمجية وسياسة فرض الأمر الواقع بالقوة، الأمر الذى يجرنا إلى عصر جديد من البربرية والإرهاب، الغلبة فيه للأقوى بصرف النظر عن القيم الأساسية الحافظة للسلام فى العالم ولاستمرار الحضارة الإنسانية.
وما حدث من انحياز الولايات المتحدة لمنطق الاحتلال الغاشم بشأن القدس، ليست السابقة الأولى التى تنحاز فيها دولة عظمى لقانون الغاب، وليست المرة الأولى أيضا التى تنحاز فيها الولايات المتحدة انحيازا أعمى للوبى الصهيونى ومشروعه التوسعى الاستيطانى، خاصة أنها كدولة قامت على الاستيطان التوسعى على حساب أصحاب الأراضى الأصليين، وفرضت الأمر الواقع بالقوة وأجبرت العالم على ابتلاع إجرامها التاريخى، فهل نستسلم لمصير الهنود الحمر الذين يعيشون فى معازل بين الولايات الأمريكية، أم نستطيع بالفعل صناعة مصير مختلف يستند إلى انتزاع الحق بالقانون الدولى؟
الاستسلام للمنطق الأمريكى الصهيونى يعزز انهيار الإنسانية بأكملها ويفتح الباب على مصراعيه لحروب ونزاعات بهدف الاحتلال والسيطرة، ولا يوجد حل إلا تكاتف العالم لردع هذه النزعة الاستعمارية البغيضة، للحيلولة دون التحول إلى غابة كبيرة يلتهم القوى المسلح غيره تحت شعارات براقة وادعاءات كاذبة كما هو الحال بالمشروع الصهيونى العالمى.
ولابد أن ندرك ونؤمن نحن العرب بقدرتنا على حماية القدس وفلسطين، وكذا قدرتنا أن نكون سببا فى إفاقة العالم وانحيازه إلى ثوابت القانون الدولى، وأن نتحرك بسرعة لتحقيق هدفنا المشروع دون أن يرهبنا غرور واشنطن ولا تحركات تل أبيب واللوبى اليهودى العالمى، كما نؤمن أن نضالنا القانونى دوليا من أجل القدس إنقاذ للعالم أجمع وهو المبدأ الذى يمكن أن يجمع شعوب العالم حول القضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين المشروعة.
لنا فى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 377، والمسمى «قرار الاتحاد من أجل السلام» سابقة نوعية لإمكانية مواجهة سطوة الفيتو الأمريكى فى مجلس الأمن وغطرسة القوة الأمريكية الإسرائيلية على الأرض، فالقرار المشار إليه ينص على أنه فى أية حالة يخفق فيها مجلس الأمن، بسبب عدم توفر الإجماع بين أعضائه الخمسة دائمى العضوية، فى التصرف كما هو مطلوب للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، يمكن للجمعية العامة أن تبحث المسألة بسرعة وتصدر التوصيات التى تراها ضرورية من أجل استعادة الأمن والسلم الدوليين.
هل يمكن أن تبادر جامعة الدول العربية بأن تتولى الحشد الدولى لاستصدار قرار من الأمم المتحدة وفق البند المشار إليه لحماية القدس ومستقبل السلام العالمى؟
وللحديث بقية..