لماذا يطالب الناس السيسى أن يتحول إلى كيم جونج أون؟
تجيبها كدة تجيلها كدة هى كدة ، ربنا خلق بلدنا وناسها كدة ، عاطفيين طيبين فى المجمل ، بيدوروا على الستر والصحة والرضا ، لقمة عيش تكفى العيال وشغلانة تضمن راحة البال ، ويرموا حمولهم على ربنا والريس اللى لازم يبقى بابا وماما وسوبر مان ، يحسسهم بالحنان الأبوى ويديهم المنح والعيديات ويحكى لهم هو بيعمل إيه عشانهم ويهش عنهم الأعادى وممكن يشخط فيهم كمان وهما راضيين ومبسوطين ومطمئنين.
فى أحداث الدرب الأحمر وما بعدها من تجاوزات لأمناء وأفراد شرطة ، ركزت فى مطالب الناس البسطاء ، لم أجد واحدا يطالب بإنفاذ القانون ، ولا واحدة تطلب العدالة الناجزة حتى يعود الحق لأصحابه بالقصاص ويتحقق الأمن ، لكن جميع المطالب كانت موجهة للسيسى الرئيس الأب الحارس المدافع عن الشعب وحاميهم والمسئول الأول عنهم ، عايزين حقنا يا سيسى ، عايزة تار ابنى يا سيسى ، عايز حق ابنى اللى اتقتل يا سيسى ، كما أن كل الشكاوى والتحذيرات كانت إليه أيضا ،القضية هيطرمخوها ، هيضيعوا حقنا ، مش هيعملوا حاجة وانت المسئول ، وهكذا.
السيسى الذى يؤمن بدولة القانون كنموذج للدولة العصرية المستقرة ذات المؤسسات ، أول شيء فعله أنه استدعى وزير الداخلية المسئول التنفيذى والسياسى عن كل أجهزة الشرطة وسأله عن تكرار تجاوزات موظفيه وما الذى ينقصه من ترتيبات وتشريعات حتى يحقق الانضباط داخل وزارته قبل أن يحاسبه ، وبالفعل طالب الرئيس السلطة التشريعية ممثلة فى مجلس النواب بالنظر فى طبيعة التشريعات المنظمة لعمل أفراد الشرطة حتى يتحقق مفهوم الأمن الذى يخص المواطن بالأساس ، كما تتحدد طبيعة وحدود سلطة القهر والعنف التى تخول لأجهزة الشرطة لحماية أمن المواطنين بالدرجة الأولى وليس لقهرهم وكسرهم.
هذا ما فعله السيسى المؤمن بدولة المؤسسات والقانون ، فهل يؤمن كل المصريين بنموذج الدولة التى يسعى إليها الرئيس ؟ قبل أن نتورط فى أى إجابات بالنيابة عن المصريين ، تعالوا نتفق إن المصريين مش على قلب رجل واحد ومش لون واحد لكنهم ألوان ودرجات وقلوبهم شتى ، الأغلبية الكبيرة ، ما يقارب 75 بالمائة من المصريين لا يهمهم لا دولة ولا مؤسسات ومازالوا يؤمنون فى قرارة أنفسهم أن الرئيس هو المؤسسة الأخيرة يقول للجميع يمين يمين وشمال شمال ، وإن الدولة كلها مربوطة بساعة رضاه ، هذه الأغلبية الكبيرة تتمنى لو يتحول الرئيس إلى نموذج كيم جونج إيل رئيس كوريا الشمالية ، بلا قانون بلا بتاع ، اللى يغلط يحاسبه ويعدمه فى ميدان عام ، تخيلوا كده لو السيسى نزل على مزاج الأغلبية و جاب رقيب الشرطة اللى قتل سواق الدرب الأحمر وفى نفس المكان جاب عشماوى ونفذ فيه حكم الإعدام بنفس الطبنجة المستخدمة فى الحادث ، أراهن إن شعبيته هتوصل السما ، وهيبقى الرئيس المعبود والبابا الأمين وحكيم عصره وأوانه والقائد القوى والزعيم الملهم ، ومحدش كان هيسأل عن دولة المؤسسات والقانون هيا راحت فين ورايحة على فين ؟
خد عندك حاجات ومواقف كتيرة كان ممكن يعملها السيسى ، تخليه البطل القومى الخالد ، ومنها محاكمات الإرهابيين من الإخوان أو الجماعات المرتبطة بيهم ، حد يقول إن حبارة اللى قتل 25 جندى مصرى يفضل يتحاكم فى كل تهمة وقضية ويترافع عنه المحامون لغاية الآن ؟ ده بحسب المزاج المصرى كان اتحط للأسود فى جنينة الحيوانات ، زى ما كيم جونج أون حط جوز عمته للكلاب الجعانة ، وحد يقول إن قيادات الإخوان اللى خططت وحرضت على التفجيرات والاغتيالات تتحاكم أمام قضاء طبيعى مش محاكم ثورية تنهى أمرهم فى ساعات ؟ من الممكن فعلا الرئيس يحتكر السلطات ويبنى لنفسه شعبية خارقة بالمحبة شوية وبالخوف شوية وبالاستعراض شوية ، والخمسة وسبعين فى المية من المصريين يشيلوه على الأكتاف ويعلقوا صوره فى بيوتهم ، لكن البلد نفسها هتروح فين ، وهل هنعرف نبنيها دولة مؤسسات ؟.