قليلون فى الصحافة المصرية من نجحوا فى تطوير ذاتهم والانتقال من مجرد صحفى ناقل للخبر أو كاتب لعمود يومى إلى «مدير صحفى شاطر».. التفتيش فى سجلات الصحافة عبر السنوات الماضية يصيبك بحالة من التخبط ويدفعك للسؤال، كيف لم تنتج مؤسساتنا الصحفية مديرين متميزين فى الوسط الصحافى، لديهم الوعى الكامل ما يمكنهم من التعامل مع الصحافة على أنها «صناعة»، بمدخلات ومخرجات بنفقات وتكاليف يقابلها أرباح، صناعة تتطلب تطبيق الاقتصاد الحديث من البحث عن مصادر جديدة للدخل عبر أفكار غير تقليدية تخدم الصحافة ولا تضر بجوهرها كقيمة، خاصة أن الصحافة، مهنة تحتاج دائما لمن ينفق عليها.
الأستاذ والكاتب الصحفى إبراهيم نافع واحد من قلائل المهنة فى السنوات الأخيرة ممن أدرك خيوط صناعة الصحافة جيدا عندما كان رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة الأهرام، طبق المعايير الاقتصادية فخرجت للنور فى عهده عشرات الإصدارات الجديدة وزادت الملاءة المالية للمؤسسة وسلكت طرقا جديدة للبحث عن موارد مالية غير مهنة الصحافة أبرزها جامعة الأهرام الكندية، وأعرف زملاء صحفيين من نجوم الصف الأول بالصحافة والإعلام حاليا يعتبرون إبراهيم نافع واحدا ممن أنار لهم الطريق فى بداية مشوارهم بما لمسوه من طريقة تعامل إدارى انتهت إلى نجاح المؤسسة ماليا.
يسجل التاريخ ملاحظات على أداء الأستاذ إبراهيم نافع، وتسجل أجهزة التحقيق ملاحظات على الأداء المالى، وللتاريخ حكمه فى النهاية ولأجهزة التحقيق قرارها بالبراءة أو بالإدانة فى النهاية أيضا، ولكن فى هذه المساحة، لست بصدد محاكمة إبراهيم نافع، ولكن بصدد الحديث عن إبراهيم نافع الرمز، وأحد رواد صناعة الصحافة، والإنسان، الذى يعالج فى أحد مستشفيات دبى مقيدا بالأجهزة الطبية والتحاليل، لا يريد إلا أن يعود لمصر ويقضى أيامه الأخيرة فيها، ولكن قرار المنع من السفر وترقب الوصول يقف حائلا أمام ذلك.
انتشرت قبل أيام صورة للأستاذ إبراهيم نافع فى المستشفى مصحوبة بتعليق من أسرته تطلب من كل محبيه الدعاء له بالشفاء، كم هى قاسية الصورة، وكم يكون الدعاء فى هذه اللحظات مطلوبا، التقارير الطبية تشير إلى أنه يمر بحالة حرجة، وهو ما يدفعنا لأن نغلب إنسانيتنا على أوراق التحقيق فى هذه الحالة، وندعم الأصوات المطالبة بالسماح له بالعودة لأرض الوطن لتلقى العلاج فى مصر وقضاء أيامه الأخيرة بها تقديرا لإبراهيم نافع الإنسان قبل إبراهيم نافع رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام العريقة.
تابعت تضامن عدد كبير من الصف الأول بالوسط الصحفى لعودة إبراهيم نافع، على رأسهم نقيب الصحفيين عبدالمحسن سلامة، ورئيس المجلس الأعلى للإعلام، مكرم محمد أحمد، وكان القاسم المشترك فى إعلان تضامنهما هو مراعاة إبراهيم نافع الإنسان وأحد رموز الصحافة المصرية.
أخيرا، دعواتى بالشفاء العاجل لكاتب كبير وواحد من رموز صناعة الصحافة، تحية له من شاب صحفى ينتمى لجيل مغاير تماما عن جيله، تناقلت إليه القصص والحكايات عن مجهود عظيم بمؤسسة الأهرام لسنوات طويلة من الإدارة.. وليسجل التاريخ ما يسجل وتدون أوراق التحقيقات ما تشاء.. ولكن سيبقى نافع رائدا من رواد الصحافة.