بمزيد من البهجة استقبلت خبر انتخاب رئيسة دار الأوبرا المصرية الدكتورة إيناس عبد الدايم رئيسا للمجمع الموسيقى العربى، وفى الحقيقة فإن التهنئة هنا واجبة ليس لـ«عبد الدايم» التى أسميها «إيزيس الثقافة المصرية» فحسب، وإنما للموسيقى العربية أيضا، فالموسيقى بشكل عام والموسيقى الشرقية بشكل خاص بمعناها الراقى المتسامى تشهد الآن انحدارا كبيرا، وليس المجال هنا لبحث وتحليل أسباب الوصول إلى المنحدر، فالقادم فى أيدينا، والجميع يشهد للدكتورة الفنانة الراقية بالتفانى فى العمل والقدرة على الإدارة السليمة للمؤسسات الكبرى، كما يشهد لها الجميع بعظيم طاقتها وعشقها للإنجاز، وقد لمست بنفسى هذا العشق الجنونى للعمل الجاد الحقيقى حينما اقترحت عليها إنشاء «بيت الكمان» تحت إشراف الموسيقار العالمى «عبده داغر» فلم يستغرق الأمر إلا دقائق لتشرع فى الاتفاق مع داغر، ولم يستغرق الأمر سوى أسابيع قليلة حتى افتتاح بيت الكمان الذى استطاع أن يخرج لنا العديد من العازفين المهرة، والذين سيتحولون فى السنين القادمة إلى أهم الأصوات الموسيقية فى مصر.
لهذا أنتهز فرصة ترؤس الفنانة الفاضلة «إيناس عبد الدايم» للمجمع الموسيقى العربى وأطالبها باستغلال هذا الموقع العربى لما فيه خدمة الموسيقى العربية والحفاظ على تراثها الحى، فمن العيب ألا يكون لتراث الموسيقى العربى موقعا جامعا يجمع شتات الموسيقيين، ومن العيب ألا تكون لدينا مجلة موسيقية «محترمة» تناقش القضايا الموسيقية العربية وتطورها بشكل حقيقى، ومن العيب أن تخلو مناهجنا التعليمية فى المدارس من تاريخ الموسيقى والموسيقيين، كما يجب على رئيسة المجمع الموسيقى العربى أن تبعث الروح فى مؤتمر الموسيقى العربية على غرار مؤتمر 1932 الذى وضع الأساس النظرى للنهضة الموسيقية العربية، كما يجب علينا أن نعمل على إنقاذ التسجيلات النادرة الموجودة فى المخازن والمتاحف وغائبة عن المنتديات والأذان.
آمال عريضة أعلقها- شخصيا- على شخصية «عبد الدايم» الموسيقة الفنية الراقية، وفى الحقيقة فإن ثقتى فيها هى التى دفعتنى إلى مطالبتها بهذه المطالب، آملا أن تبذل كل ما فى وسعها لاستعادة بريق الموسيقى العربية بشكل جاد وعصرى ومتطور، فموسيقانا هى هويتنا ومن دونها تتوه الآذان كما تتوه الأعين والألسنة، فينسحق الفرد والمجتمع على حد سواء.