استراتيجية طموحة للتنمية الشاملة المستدامة
أثناء الاستماع والإنصات إلى كلمات رئيس الوزراء، المهندس شريف إسماعيل، والدكتور أشرف العربى وزير التخطيط، والمهندس خالد عبدالعزيز وزير الشباب والرياضة، وطارق عامر محافظ البنك المركزى، بمناسبة إطلاق «استراتيجية التنيمة المستدامة.. رؤية مصر 2030» يوم الأربعاء الماضى، بحضور الرئيس السيسى، قفزت بالزمن 15 عاما، وقد بلغت سن الخامسة والستين، وتخيلت، وفقا للاستراتيجية، وضع مصر الاقتصادى والاجتماعى والصحى والتعليمى وأخيرا السياسى، بعد أن تكون الاستراتيجية قد حققت أهدافها فى مسيرة التنمية الشاملة، وأصبحت مصر ضمن أفضل 30 دولة على مستوى العالم، من حيث «مؤشرات التنمية الاقتصادية ومكافحة الفساد والتنمية البشرية، وتنافسية الأسواق وجودة الحياة، كما جاء فى مقدمة التقرير للاستراتيحية، الذى أرسل لى مشكورا الدكتور أشرف العربى نسخة منه.
التقرير يقع فى 303 صفحات، ويتضمن شرحا وافيا للمحاور العشرة للاستراتيجية، وهى التنمية الاقتصادية، والطاقة والمعرفة والابتكار، والبحث العلمى والشفافية، وكفاءة المؤسسات الحكومية، والعدالة الاجتماعية، والصحة، والتعليم والتدريب والثقافة والبيئة، ثم التنمية العمرانية، وكل محور من محاور الاستراتيجية يتضمن عناصر البناء الخاصة به، التى تتمثل فى الهدف الاستراتيجى والأهداف الفرعية ومؤشرات قياس الأداء والمستهدفات الكمية المخططة لتحقيق الأهداف والتحديات المتوقعة والبرامج والمشروعات اللازمة وأولوية تنفيذها، علاوة على- وهذا هو الأهم- وضع آلية للمتابعة والتقييم والرقابة عن طريق إنشاء وحدة مستقلة للمتابعة والتقييم تتبع رئاسة الجمهورية.
ومن الواضح أن هناك مجهودا ضخما مبذولا لوضع الاستراتيجية، رغم صعوبة المعلومات والبيانات وغياب قاعدة بيانات موحدة فى مصر، إلا أن قراءة المحاور العشرة يدفع خلال عملية قراءة التقرير مباشرة إلى معايشة الأمل والتشبث بتلابيبه والركض خلف شاراته، حتى تصل إلى شارة العام 2030 وهى ليست بالبعيدة، فنحن نتحدث عن 15 عاما فقط، وهى سنوات فى عمر الدول قريبة جدا، لكن المهم هو كيفية التنفيذ وتحقيق المعجزة فى الوصول بمصر إلى المرتبة 30 أو حتى 40 فى التنمية الاقتصادية، وفى الشفافية وفى الكفاءة الحكومية بالإرادة السياسية، وبالإدارة السليمة وبالاعتماد على أهل الخبرة، وليس أهل الثقة والاستعانة بالشباب، لأن هذه الاستراتيجية وأهدافها منوطة بهم وبالأجيال القادمة وليس بجيلنا والأجيال التى تسبقنا.
استراتيجية 2030 هى استراتيجية طموحة للتنمية الشاملة المستدامة فى مصر، لتحقيق أحلام أجهضت طوال 40 عاما، ومطالب لم يلتفت لها أحد من قادة مصر السابقين طوال أربعة عقود ماضية من أجل حياة كريمة.
وفى رأيى أن أهم ما تضمنته الاستراتيجية هو «تشخيص» الوضع الراهن، بتعقيداته ومشاكله وقوانينه البالية القديمة، وهنا بصراحة «مربط الفرس»، فالمطلوب هو وضع خطة عاجلة لمعالجة الوضع الراهن بالتوازى مع تنفيذ محاور الاستراتيجية، فهناك ثورة تشريعية وقانونية مطلوبة وهيكل إدارى حكومى، لا بد من إعادة هيكلته، وقوانين لا بد أن تصدر فورا بلوائحها وتكنولوجيا من الضرورى توظيفها واستخدامها فى تقديم الخدمات للمواطنين، فتشخيص الأوضاع الراهنة بداية حقيقية للعلاج والتخلص من الأمراض التى أعاقت كل خطط التنمية فى السابق ولم ينعم بها سوى حفنة من أسر المحاسيب والأقارب وأصحاب النفوذ والسطوة والسلطة.
لا نريد أن ينظر الناس إلى الاستراتيجية الجديدة على أنها مجرد أمل وحلم ووهم و«مسكن»، مثل باقى «المسكنات السياسية» الماضية، والكل يتذكر خطاب السبعينيات وتبشير المصريين بالفيلا واليخت بعد تحقيق السلام، وأفلام وأغانى وأحلام ومؤتمرات الثمانينيات عن «مصر سنة 2000» التى ستجعل مصر قطعة من أوروبا أو على الأقل شبيهة بها ثم جاء السلام وجاءت 2000 والأوضاع فى مصر لم تكن أفضل حالا مما كانت عليه، واستيقظ المصريون على الوهم والخديعة.