المحافظ، رئيس جمهورية محافظته، قالها كثر، وكان آخرهم الرئيس عبد الفتاح السيسى، إدراكا بأهمية هذا المنصب الذى يعد حجر الزاوية فى معادلة البناء والتنمية، والنهوض بالخدمات المقدمة للجماهير، والعمل على نشر الأمن والاستقرار والسلامة العامة وسلامة الأفراد وممتلكاتهم واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لذلك، والمحافظة على النظام والآداب العامة.
أيضا من أهم مسؤولياته، مراقبة دوائر الدولة ومؤسساتها والوقوف على مدى تنفيذ الأعمال المنوطة بها والعمل على توفير أفضل الخدمات للمواطنين، مع تحقيق العدالة بين الجميع ضمن سيادة القانون وبما لا يتعارض مع استقلال القضاء، والعمل على توفير المناخ الملائم لتشجيع الاستثمار فى المحافظة وتوفير متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، والإشراف على المجالس المحلية بما يكفل قيامها بواجباتها على أكمل وجه.
وتأسيسا على هذه المهام المنوط بها المحافظ، وإسقاطها على أرض الواقع، يصاب الجميع بصدمة مروعة، فمعظم المحافظين الحاليين بعيدون كل البعد عن الاضطلاع بمسؤولياتهم، إما لتقصير، وإما لغياب القدرات، أو ارتعاش الأيادى، باستثناء بعضا منهم، لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة.
والنتيجة استفحال فساد المحليات، وتوطنه فى الأحياء ومجالس المدن، وأصبح عائقا حقيقيا أمام طريق نهضة وازدهار مصر، بجانب ما يسببه هذا الفساد المستشرى من متاعب حقيقية للمواطنين، ولكم فى الإدارات الهندسية بالأحياء مثالا ونموذجا صارخا، لكل العشوائيات والمبانى والعقارات المنهارة على رؤوس الأبرياء، والعقارات الآيلة للسقوط !!
خذ عندك اللواء كمال الدالى، محافظ الجيزة، عندما تم تعيينه فى منصبه كانت الطموحات كبيرة فى أن ينهض بأبرز محافظة من بين المحافظات المصرية قاطبة، نظرا لحنكته الأمنية، ومعرفته بكل الأمراض التى تعانى منها الجيزة فى مختلف المجالات، كونه كان يشغل مديرا لأمن المحافظة سنوات، ويعرف حواريها قبل شوارعها الكبيرة.
وبعد مرور أشهر قليلة ومع انخفاض درجات حمى البدايات، تحولت الجيزة إلى محافظة تئن تحت وطأة الإهمال الشديد فى كل المرافق والخدمات، وأسدل العنكبوت خيوطه على كثير من أبواب وشبابيك مقرات الأحياء، فى رسالة أن رؤوساء أحياء الجيزة يا إما لا يذهبون لمقرات أعمالهم، أو يذهبون ولكن من الأبواب الخلفية، بدليل أن هناك العشرات من المواطنين يذهبون للاستغاثة بهم من سوء جميع المرافق والخدمات فى المحافظة، فلا يجدون سوى خيوط العنكبوت على الأبواب، جازما بأن المكان مهجور، وشبيه بغار حراء.
ولا تختلف قرى المحافظة، عن مناطقها الراقية فى المهندسين والدقى والعجوزة، الجميع غارق فى مياه الصرف الصحى، ومياه الشرب، بفعل تحطم وكسر مواسير الصرف والمياه بمعدلات يومية تفوق الخيال، فتتحول الشوارع إلى برك، ومستنقعات، ناهيك عن تكسير الشوارع، لدرجة أن منطقة الدقى على سبيل المثال، شوارعها تحولت إلى ما يشبه الترع والمصارف.
خذ عندك جميع الشوارع الرابطة بين شارعى المساحة وهارون، على سبيل المثال لا يمكن للسيارات الدفع الرباعى السير فيها، من كثرة المطبات الضخمة التى ليس لها مثيل فى كفر «المعزة» فتسقط فيها سيارة الدفع الرباعى ولا تخرج منها إلا بمعجزة، فما البال بالسيارات العادية؟ بجانب الحفر والتكسير والمطبات فى شوارع البطل أحمد عبدالعزيز، وجامعة الدول، ومصدق، وغيرها من الشوارع الحيوية.
أما إذا دفع بك القدر وذهبت إلى شوارع الهرم وفيصل، فأنت ذاهب إلى الهلاك لا محالة، تكسير وتحطيم، ولا صوت يعلو فوق صوت التوك توك، والدرجات البخارية، والسيارات «البوكس» العتيقة، وجميعها يسير عكس الاتجاه، وحولوا الشوارع الرئيسية والجانبية إلى جراجات، ومواقف، وتمكث فى سيارتك إذا كنت ذاهبا إلى منتصف شارع فيصل، بالساعات.
المدهش، أن إمبراطورية الميكروباص والتوك توك يتحكمون فى سير الشوارع فى جميع أحياء وقرى محافظة الجيزة، خد عندك، هل يعقل أن سيارات المينى باص حولت ميدان الجيزة إلى جراج ومواقف عديدة؟ وهل يعقل أن بدايات ونهايات الكبارى أصبحت مواقف أيضا وتحت سمع وبصر شرطة المرور، وتحديدا السادة الأفاضل «أمناء الشرطة»؟! ولمن لا يصدق، عليه أن يذهب ويشاهد، كيف تحول بداية كوبرى الدقى، للقادم من ميدان الجيزة، إلى جراج أمام أعين كل رجال المرور، ونهايته أيضا وأنت ذاهب لشارع البطل أحمد عبدالعزيز للدرجة التى لا يستطيع معها أصحاب السيارات الأجرة والملاكى السير على الكوبرى إلا بعد أن يتنازل ويقبل سائقو الميكروباص والمينى باص بفتح مساحة صغيرة من الكوبرى للمرور، بينما يجلس السادة الأمناء، لا فض فوهم، يشاهدون الزحام، ولا يحركون ساكنا، أما عن القمامة، فحدث ولا حرج، فلا يخلو شارع من تلال الزبالة، وصارت من أبرز معالم المحافظة، وتضاهى شهرتها، الاهرامات، فى ارتفاعها، وقدرتها على تحمل كل عوامل التعرية، من رياح وأمطار.
الأهم، الانقطاع الدائم للمياه، وعندما تحاول الاتصال برئيس هيئة مياه الشرب بالمحافظة، عن سبب انقطاع المياه الدائم عن مناطق الدقى والمهندسين والعجوزة، تفاجأ بأن الرجل لا يعلم السبب، ثم يقدم لك قائمة طويلة من المبررات والأسباب الواهية التى تتصادم مع أبسط قواعد العقل والمنطق، ثم تفاجأ أن كسرا لماسورة مياه فى منطقة غير التى ذكرها رئيس هيئة مياه الشرب فى المحافظة!!
إذن ما هو دور اللواء كمال الدالى فى إدارته لمحافظة الجيزة؟!، اللهم إلا الإنجاز العبقرى، عندما ساوى بين شوارع قرى المعتمدية وطناش والصف والبدرشين بشوارع المهندسين والدقى والعجوزة فى التكسير وانتشار الزبالة وتحولها إلى مواقف وجراحات لسيارات الميكروباص والتوك توك والدرجات البخارية، وانقطاع المياه بفعل انفجار المواسير المتكرر يوميا؟!
هذا غيض من فيض، فالجيزة أصبحت المحافظة الأولى فى انهيار كل المرافق والخدمات، وتحول فيها روؤساء الأحياء إلى أباطرة، متخلين عن جميع أدوارهم!!
ولَك الله يا مصر...!!