نعم، من حق الإمارات أن تغرد، ويسمع العالم تغريدها، فالعزف المنفرد صادح مميز، إنما ثقافة "الببغاوات" مجرد محاكاة وتقليد ودوران فى أفلاك الآخرين، وهذا بالضبط ما ينطبق على الرئيس التركى رجب طيب أردوغان.
لا تفكر كثيرا، دعنا نذكر الموقف مع وزير خارجية الإمارات، عبد الله بن زايد، ونتذكر موقف الزعيم الراحل جمال عبد الناصر تجاه محاولات التدخل الأجنبية فى مصر أوائل ستينيات القرن الماضى، واحكم أنت هل حقا أردوغان "بغبغان"؟
فى وقت سابق أعاد عبد الله بن زايد نشر تغريدة تقول "هل تعلمون، فى 1916 قام التركى فخرى باشا بجريمة بحق أهل المدينة النبوية، فسرق أموالهم وقام بخطفهم وركبهم قطارات إلى الشام وأسطنبول برحلة سُميت سفر برلك".
هذا ما قاله وزير خارجية الإمارات، مستندا للتاريخ الذى تقف وقائعه شامخة بحقائقها وروايات معاصريها والمؤرخين لها، ذكر التاريخ هذه الجريمة بجانب جرائم العثمانيين/ الأتراك بحق عشرات البلدان والمجتمعات، ليس أبشعها مذابح الأمن ولا أقلها جرائمهم بحق مصر فى الربع الأول من القرن السادس عشر وطول 4 قرون تالية.
ارتكب الأتراك مذابح شهيرة وبالغة الدموية فى المدينة المنورة أواخر حكم الدولة العثمانية، وسرقوا أغلب مخطوطات المكتبة المحمودية بالمدينة وأرسلوها لتركيا، هؤلاء أجداد أردوغان بتاريخهم غير النظيف مع العرب وحواضرهم، التاريخ الذى يشهد على أن هذا البلد المزايد على الآخرين بالدين ناصب العرب العداء دون سبب مفهوم، ارتكب المذابح بحقهم، وسلّمهم فى النهاية لقمة سائغة لقوى الاستعمار، جولة واحدة سريعة وبسيطة تكفى جدا لتتأكد من هول ما ارتكبه الأتراك وفظاعته، التاريخ حى لا يموت، والوثائق صادقة لا تكذب.
لاحقا، تطاول الرئيس التركى، الذى يفخر بتاريخ بلده ويدعو إلى تدريسه فى مدارس العرب، دون حياء أو خجل من دمويته وقذارته، على دولة الإمارات وتاريخها، فى مؤتمر صحفى رسمى، لا يليق برئيس دولة أن يتورط فيه بالطريقة المشينة التى صدرت عنه.
دعنا نودع 2017 بحديث أردوغان الذى لا يُثمن ولا يغنى من جوع، ونذكر أيضا أن ببغاء تركيا والأغا المعبأ بالحنين لجرائم أسلافه وخياناتهم للإسلام وجرائمهم فى حق العرب، غيّر اسم الشارع الذى يحتضن سفارة الإمارات بأنقرة إلى "شارع فخرى باشا"، ليكون الاسم حاضرا دوما على أغلفة وحواشى وأوراق المكاتبات التى تصل من الإمارات مدونا عليها اسم هذا المجرم، وكأننا أمام مكايدة طفولية، يُعمّقها وينقلها من خانة المكايدة إلى خانة الإصرار والترصد على إعادة إنتاج الجريمة، أن أردوغان يفخر بتاريخ بلاده القذر، ويُكابر دوما رافضا الاعتذار عنه، ولا يشعر بالخجل من تورط تركيا فى دماء مليون أرمنى وملايين العرب والمسلمين فى عشرات البلدان.
موقف أردوغان الأخير فيما يخص اسم شارع فخري، يضع الرئيس التركى فى موقع الببغاء المقلد، قياسا على موقف الزعيم الراحل جمال عبد الناصر عندما احتدت علاقات مصر وقوى الاستعمار الأجنبية فى أوائل الستينيات، فقرر "ناصر" تغيير اسم الميدان الذى تقع فيه سفارتا الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا من ميدان قصر الدوبارة إلى ميدان "سيمون بوليفار"، البطل اللاتينى الثائر الذى حرّر فنزويلا وكولومبيا والإكوادور وبيرو وبنما من الاستعمار الإسباني.. فعل ذلك ناصر لتأتى المكاتبات للسفارتين وتصدر عنها حاملة اسم الثائر الذى كان مغضوبا عليه منهما، وبعد صدور القرار أرسلت فنزويلا تمثالا برونزيا بالحجم الطبيعى ليملأ الميدان احتفاء بالمواقف الحقة، المنحازة للخير والحرية لا للجرائم والتواريخ القذرة.
قياسا على موقف عبد الناصر، وسقطة أردوغان، فالأول انتصر للثورة والتحرر وغامر بعلاقته بقوى كبرى انتصارا لقوى طالعة حديثا للحرية، بينما يصر الأخير على الفخر بالجرائم والممارسات التى توجب العار لا الفخر، وهكذا يمكننا القول إن من حق الإمارات أن تغرد، ويليق بـ"البغبغان" أن يُقلد، مع فارق أنه تقليد لإنتاج القذارة لا الشرف.