على مدى يومين متواصلين أتابع مؤتمر الأزهر العالمى لنصرة القدس، والحقيقة أن الواقع يؤكد دور مؤسسة قوية كالأزهر الشريف فى دعم وتثبيت الموقف القانون والتاريخى للقدس الشريف بعد القرار الأخير للرئيس الأمريكى دونالد ترامب بنقل السفارة، والمؤتمر يتضمن عددا من الرسائل المهمة التى يجب التوقف عندها وتحليلها بهدوء أبرزها الاهتمام الدولى بالتمثيل والحضور.
وفق ما هو مثبت بجداول الحاضرين لمؤتمر نصرة القدس، فإن 86 دولة، شاركت فى المؤتمر بممثلين مختلفين، أبرزهم الرئيس محمود عباس، رئيس دولة فلسطين، والدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، الأمين العامّ لمنظمة التعاون الإسلامى، وأحمد أبوالغيط، الأمين العامّ لجامعة الدول العربية، ومرزوق الغانم، رئيس مجلس الأُمّة الكويتى، والشيخ الدكتور صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ، وزير الشؤون الإسلامية السعودى، والدكتور مشعل بن فهم السلمى، رئيس البرلمان العربى، والبابا تواضروس، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، والدكتور أولاف فيكس تافيت، الأمين العامّ لمجلس الكنائس العالمى، والدكتور محمد العيسى، الأمين العامّ لرابطة العالم الإسلامى وفؤاد السنيورة رئيس وزراء لبنان الأسبق.
الاهتمام الكبير بالمشاركة والوجود فى مؤتمر مهم ترعاه مؤسسة كبيرة بقدر الأزهر الشريف، يدفعنا لإعادة النظر من جديد فى مكانة الأزهر بالعالم الإسلامى وما تمثله من دائرة مهمة لصنع القرار العربى والإسلامى فى القضايا المهمة.
الثابت أيضا أن الأزهر الشريف يجسد أحد أدوات القوة الناعمة للدولة المصرية، التى تلعب دورا كبيرا فى التأثير الدولى والعربى والإسلامى فى عدد كبير من القضايا، وتجسد ذلك فى مؤتمر نصر القدس والمداخلات المختلفة لعدد كبير من الساسة والمثقفين ورجال الدين فى العالم ورجال القانون أيضا.
توقفت بين الكلمات المهمة عند كلمة الدكتور مفيد شهاب وزير الشؤون القانونية والمجالس البرلمانية الأسبق، التى قدم خلالها شرح تفصيلى للموقف القانون للقدس الشريف طوال السنوات الماضية من أن هناك أكثر من 700 قرار من الأمم المتحدة ومجلس الأمن وكلها تؤكد أن القدس الشرقية أرض عربية محتلة ولا يجوز تعديل هيكلها وأى تعديل يكون باطلا ولا يعتد به، فالأمم المتحدة تقر بعدم شرعية ما تقوم به إسرائيل وبطلان أى تصرفات لإسرائيل دعما لمبدأ الشرعية».
كلمة مفيد شهاب وغيرها من الكلمات المهمة بالمؤتمر ترسخ بلاشك الموقف القانونى السليم للقدس الشريف وتدعم من الموقف الفلسطينى أمام المجتمع الدولى بعد التعنت الواضح من الإدارة الأمريكية، خاصة أنه فى الثمانينيات أقدمت إسرائيل على احتلال القدس واعتبارها عاصمة لها فى انتهاك واضح للقانون الدولى وكانت إسرائيل ترغب فى تثبيت أركانها وفرض الأمر الواقع والتوسع مثلما قامت فى عام 1948 ولم يكن أمام العالم سوى رفض الأمر الواقع ورفضت معظم الدول نقل سفاراتها للقدس كعاصمة لإسرائيل.
أعتقد أن مؤتمر الأزهر الشريف العالمى لنصرة القدس، هو بداية على طريق الجهاد الجديد من أجل الحفاظ على القدس والمقدسات من أى تهور إسرائيلى أو تحرك غير مقبول دوليا من الإدارة الأمريكية، لأنه وللأسف الشديد لا نمتلك أى وسائل أخرى لمواجهة العدو الإسرائيلى، خاصة أننا سلكنا الطريق الدبلوماسى أمام مجلس الأمن وتقدمنا بمشروع قرار حظى بموافقة 14 صوت من أعضاء مجلس الأمن غير أنه لم يخرج للنور بسبب الفيتو الأمريكى.
تحية شكر للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب على تنظيم هذا المؤتمر وخروجه بهذا الشكل اللائق والتمثيل المشرف لشخصيات متعددة من كل الدول.