لايزال تنظيم داعش يطل برأسه فى أنحاء العالم، بعد أسابيع من إعلان هزيمة التنظيم فى العراق وسوريا وفرار أعداد من قياداته، بينما تم تهريب أعداد أخرى بصفقات مع أطراف أمريكية وتركية، فيما بدا نوع من إعادة تدوير التنظيم أو توظيفه من قبل أطراف إقليمية ساهمت بعضها فى تأسيس داعش والنصرة.
تذهب بعض التقارير إلى وجود خلايا نائمة فى سوريا والعراق، تكونت ممن هربوا إلى الداخل من دواعش لم يكونوا معروفين، وأن هؤلاء ربما يختفون انتظارا لمخرج أو مكان يعودون إليه، بينما يبدو من نشأة داعش والتنظيمات الإرهابية المرتزقة أن دولا إقليمية ربما تسعى إما للتخلص من قيادات داعش لدفن أسرارهم أو محاولة توظيفهم لتنفيذ عمليات تفجير واغتيالات لصالح أنقرة أو الدوحة، وتربط هذه التقارير بين اختفاء أعداد من مقاتلى داعش داخل مناطق الصراع، وتغيير تنظيمات مثل النصرة لأسمائها، تمهيدا للاشتراك فيما يأتى من حلول سياسية.
وتربط بعض المعلومات بين النصرة وتركيا أردوغان التى تواصل الحرب فى سوريا تارة ضد الأكراد وأخرى ضد القوات السورية، وفى نفس الوقت تشارك أنقرة فى مفاوضات أستانة التى تبحث عن حل سياسى مع روسيا وإيران ضمن مفاوضات خفض العنف، إلا أن أردوغان يشن هجمات داخل سوريا، الأمر الذى ربما يهدد علاقة تركيا بروسيا، وهو ما قد يكون أردوغان متحسبا له، ولهذا يحتفظ بعلاقات مع بقايا داعش والنصرة، لربما احتاج إلى استعمالهم فى عمليات ضغط من أجل التفاوض.
ولم تكن عملية توظيف التنظيمات الإرهابية جديدة، وقد سبق لإيران أن منحت بعض مقاتلى القاعدة ملاذات آمنة، مقابل خدمات حصلت عليها طهران من القاعدة، كما ارتبط أردوغان بداعش والنصرة، وقدم لهم تسهيلات الدخول والخروج من سوريا والعراق، قبل أن تنفضح علاقاته أمام حلفائه الأوروبيين وتتكرر الاتهامات لأردوغان برعاية الإرهاب.
الجديد فى سياقات التحالفات بين التنظيمات الإرهابية هو ما نشرته بعض الصحف الأوروبية، ومنها الجارديان البريطانية عن محاولة تنظيم القاعدة جذب فلول داعش الفارين من دولة الخلافة المنهارة، وقد سبق وشن أيمن الظواهرى أمير القاعدة هجوما على داعش وأبوبكر البغدادى واتهمهم بأنهم خوارج، وهو ما فسره البعض وقتها بأنه محاولة من الظواهرى لتعويض الخفوت الذى أصاب القاعدة بعد محاصرته فى باكستان وأفغانستان.
الآن تحاول القاعدة استمالة دواعش إلى تنظيم لم يعد يمتلك التأثير السابق على الإرهابيين عبر العالم، وبعد هزيمة داعش بدأت القاعدة حملة تجنيد لفلول داعش حتى قبل تعرضهم للهزيمة الكبرى، فى محاولة لمنح تنظيم القاعدة بعض الأضواء التى غادرته منذ ما بعد قتل زعيمه السابق وأحد كبار مموليه أسامة بن لادن على أيدى الأمريكان.
وتشير تقارير استخبارية، نشرتها الجارديان، إلى أن تنظيم القاعدة يسعى لجمع مبايعات من فلول داعش، خاصة بعد إعلان 10 دواعش من الجزائر تحويل تبعيتهم من داعش إلى القاعدة، فيما يتحرك أعضاء القاعدة فى سوريا وبعض مناطق أفريقيا بحثا عن فلول داعش لضمهم إلى القاعدة، ويتوقع أن يزداد عدد المنضمين للقاعدة من داعش فى حالة ضمان وجود تمويل من القاعدة بديلا لما كان داعش يدفعه للمرتزقة المحاربين فى صفوفه، وفى حين تجرى أجهزة الأمن الأوروبية أبحاثا عن مدى ما يمثله فلول داعش من تهديد فى حالة نجاح القاعدة فى تجنيدهم، ضمن عمليات إعادة التدوير التى تتم لصالح دول وأطراف إقليمية ودولية، فيما يبحث الدواعش عن ملاذات وتمويل ضمن عملية إعادة التدوير.