أواصل قراءاتى فى الملف الأمريكى، وسياسات البيت الأبيض تجاه دول المنطقة العربية، وتأثير علاقتها الحميمة مع إسرائيل، التى تعد أحد معوقات إقامة علاقات طيبة بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول العربية، وهذا ما كشفه البحث الذى حمل عنوان «العلاقات الأمريكية الإسرائيلية فى فترة الرئيس السابق أوباما تجاه الشرق الأوسط 2009-2016»، وهو البحث الذى أعدته الباحثة بالمركز الديمقراطى العربى أمينة محمد محمود خليل، وأشرفت عليه الدكتورة نورهان الشيخ، ونشره المركز فى قسم الدراسات العبرية والإسرائيلية، حيث تقول الباحثة: هناك دراسة لـهيثم مزاحم، بعنوان «تأثير اللوبى اليهودى فى الولايات المتحدة» توضح دور اللوبى الصهيونى فى صنع القرار الأمريكى والحديث عن الوجود اليهودى فى الولايات المتحدة منذ 1887 الذى تشكلت فيه أول جماعة ضغط يهودية وقام بذكر الأسباب التى جعلت اليهود قوة مؤثرة على القرار الأمريكى مثل الثراء اليهودى وتمويل الحملات الانتخابية والسيطرة اليهودية على وسائل الإعلام الأمريكى، وذلك أدى إلى زيادة التغلغل فى المجتمع الأمريكى بسبب البعد الدينى وتقاطع المصالح الأمريكية والصهيونية إزاء فلسطين، حيث يستمد اللوبى قوته من المكانة المرموقة التى تتمتع بها إسرائيل، فهى قضية توحيد وتعبئة ومدعاة للفخر وموضوع يحقق انتماءهم ومكانتهم، وأيضا ذكر دور الأيباك فى تقوية العلاقة بين الطرفين وتوصل الكاتب إلى أن هناك تأييدا أمريكيا كاملا لإسرائيل، وذلك لما تحصل عليه إسرائيل من دعم مالى من الولايات المتحدة والحيلولة دون تطور العلاقات بين الولايات المتحدة والعرب وعلاقتهم بالشرق الأوسط بشكل خاص.
وانتقلت الباحثة إلى تطور العلاقات الأمريكية الإسرائيلية فى عهد أوباما، حيث أكدت أن العلاقات لم تبدأ من عهد أوباما إنما بدأت بتنظيم اليهود أنفسهم فى الولايات المتحدة منذ عام 1887، وهو التاريخ الذى تشكلت فيه أول جماعة ضغط يهودية حملت اسم «البعثة العبرية» بالنيابة عن إسرائيل التى كان يتزعمها وليم بلاكستون، وكان هدفها إقامة دولة يهودية فى فلسطين، وهذا الهدف حسب التاريخ المذكور آنفاً هو قبل نضوج الحركة الصهيونية فى مؤتمر بال عام 1897.
وفى عام 1906 أنشأ زعماء اليهود فى نيويورك «اللجنة اليهودية الأمريكية» لمعالجة المشكلات السياسية والاجتماعية كافة، والتى نجمت عن تدفق اليهود المهاجرين من أوروبا الشرقية والعناية بهم، ونتيجة لنشاط كل منهما فقد استطاعتا إقناع الإدارة الأمريكية بتوجيه سياستها الخارجية لتحقيق أهدافها والعمل على إقرار (حق اليهود فى فلسطين) وإقرار مبدأ الحماية لهم، ثم لتجبر بريطانيا لاحقاً على إعطاء وعد بلفور فى 2 تشرين الثانى 1917، يقدر عدد اليهود فى الولايات المتحدة بنحو 6 ملايين نسمة، أى حوالى %3 من مجموع الشعب الأمريكى، أغلبيتهم الساحقة من يهود الأشكناز القادمين من شرق أوروبا واليهود أنفسهم منقسمون إلى فئات إثنية وإصلاحية ومحافظة ومتدينة، وهم يختلفون مع بعضهم فى العديد من المسائل والقضايا الأمريكية الداخلية، ويعانون من تزايد معدلات ذوبانهم واندماجهم فى الولايات المتحدة، ومن انتشار الزواج المختلط مع غير اليهود بدرجة تصل إلى ما يزيد عن %50، كما يعانون من تفشى قيم المنفعة واللذة والأنانية، وتزايد أعداد الشاذين جنسياً.. ومع ذلك فقد ظلوا أهم لوبى مؤثر فى السياسة الأمريكية، وفى انتخاب الرئيس الأمريكى.
ومن أهم الأشياء التى أثرت على صنع القرار الأمريكى هو اللوبى الصهيونى الذى يتكون من مجموعة من العملاء والنشطاء، الذين لهم مصالح خاصة، ويمارسون الضغوط على الموظفين الرسميين خصوصاً المشرعين، وذلك للتأثير عليهم فى أثناء ممارسة عملهم، حيث إن صنع القرار فى السياسة الخارجية الأمريكية يخضع بالدرجة الأولى للمصلحة الأمريكية، الأكثر انسجاماً مع المصلحة الصهيونية، ولذلك نرى التطابق على أنه صناعة يهودية كاملة ناجمة عن سيطرة يهودية فى الولايات المتحدة الأمريكية.
ثانياً: الأسباب التى تجعل من اليهود قوة مؤثرة على القرار الأمريكى: لقد تمكن يهود الولايات المتحدة من تحقيق درجات عالية من التأثير تساوى أضعاف حجمهم السكانى، والسبب فى ذلك يعود إلى:
- الثراء اليهودى: فاليهود أكثر الأقليات ثراءً فى العالم، ومع ذلك فهم لا يسيطرون إلا على نحو 10 - %12 من الاقتصاد الأمريكى، ويتركز نفوذهم فى الصناعات الخفيفة والاستهلاكية، لذلك فإن قوتهم لا تكمن فى السيطرة الاقتصادية العامة، وإنما فى استثمار ثرواتهم بطريقة مؤثرة سياسياً وإعلامياً.
- تمويل الحملات الانتخابية: يعد اليهود الممولين الكبار لحملات الرئاسة الأمريكية، حيث يقومون بتمويل %60 من تكاليفها، وخصوصاً فى الحزب الديمقراطى، وهذا يوازى 30 ضعفاً لحجمهم السكانى حيث يشكل اليهود %3 من سكان الولايات المتحدة، ولأن حملات الرئاسة الأمريكية باهظة التكاليف فإن على أى مرشح أن يسترضى اليهود للحصول على دعمهم، وهذا ينطبق أيضاً على مرشحى مجلسى الشيوخ والنواب.
- يشكل اليهود قوة انتخابية منظمة: حيث يشاركون فى الانتخابات الأمريكية بنسبة %90 مقابل %50 بين عامة الأمريكيين، ويعود السبب فى مشاركتهم العالية لكونهم جماعات منظمة متعلمة، ولأنهم يسعون من مشاركتهم إلى زيادة قوتهم وتأثيرهم الانتخابى. «يتبع»