الحياة سؤال والحقيقة أيضا سؤال.. المجتمعات تظل بخير طالما بقيت متمسكة بالسؤال.. تسأل عالمها وزمانها.. تسأل واقعها وظروفها.. تسأل نفسها وغيرها.. ثم لا تفتر همتها أو ينثنى عزمها عن التفكير فى طرح أسئلة جديدة، على أن تبقى هذه الأسئلة موصولة بالحياة وغير معزولة عنها.. هكذا يرى الأستاذ هيكل أهمية السؤال فى الواقع والحياة.
وفق هذا المنطق أطرح سؤالا عالقا فى أذهان كثير من العامة، يقول السؤال: "هل الفنانون يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويقرأون القرآن"؟.. أعرف أن هذا السؤال تحديدًا نابعًا من نظرة إخوانية وسلفية متشددة أشاعت الكره والبغض فى قلوب الناس تجاه النجوم خصوصًا من أهل الفن.. إذ يتصور كثيرون أن الله منح الفنان كل شىء "المال، الشهرة، الجاه، السلطان"، فى حين أن الفنان - من وجهة نظر بعض العامة - لا يستحق كل هذه المنح، ولا كل هذا العطاء، لأنه من وجهة نظرهم المحدودة أيضا، يرونهم بعيدين عن الله لا يسبحونه ولا يحمدونه ولا يشكرونه ولا يذكرونه ومصيرهم ومأواهم جهنم وبئس المصير.
هذه النظرة للفن والفنان جاءت وفق رؤية ضيقة ومتشددة وناقمة، فكثير جدا من الفنانين يصّلون ويقيمون الصلاة ويأتون الزكاة ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، سواء من النجوم الكبار أو الصغار، يعرفون الله ويخشونه ويتقونه حق تقاته، بعضهم يذهب للحج كل عام، بخلاف الصورة الذهنية التى انتشرت عن النجوم، خذ مثلًا نادية الجندى ونبيلة عبيد تؤديان فروض الصلاة وتصنعان المعروف، المصحف لا يغادر سيارة الزعيم عادل إمام ولا ينطق لسانه بشىء إلا ويختمه بمشيئة الله، مصطفى شعبان يذهب للحج باستمرار ويذبح الذبائح، وكذلك يوسف الشريف وعمرو سعد وكثيرون جدا غيرهم.
ورغم هذه النظرة الحادة إلا أن هناك أشياء يصنعها الفنان ولا يصنعها العامة من الناس، الفنان يدفع ضريبة من أعصابه لكى يسعد الجمهور، يفقد كثيرا من عمره وراء الكاميرات ليقدم لهم فنه، يعيش متوترا مقابل كلمة إشادة من ناقد أو جمهور.. ووسط كل هذا لا ينسى حق الله.