باستقراء سريع لأجندة الحياة الثقافية فى مصر، سنجد أن أكثر الأنشطة الثقافية رواجا عند الجمهور العادى هو معرض القاهرة الدولى للكتاب الذى يقبل عليه «ملايين» المصريين كل عام، ولما كان الفن التشكيلى من أكثر أفرع الثقافة تأثيرا فى تهذيب الروح، وتثقيف العين ومنحها جرعات جمالية مكثفة وسريعة، أقترح أن يتم عمل معرض دولى للفنون تحت اسم «معرض القاهرة الدولى للفنون»، وفيه يتم تقديم الفن التشكيلى كما يتم تقديم الكتاب فى معرض الكتاب، حتى يصبح الفن التشكيلى متاحا للعامة والخاصة، على حد سواء، فيتم إحياء الفن المصرى وزرع نبتته الأصيلة فى النفوس.
إننى أدعو الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى تبنى هذه الفكرة التى إن نفذت، فستكون أول مشروع ثقافى حقيقى يضاف إلى عهده، ويستمر إلى ما بعده، كما أدعو وزارة الثقافة إلى دراستها والعمل على تنفيذها، كما أقترح أن يتولى صندوق التنمية الثقافية تنظيم هذا الحدث لما يتمتع به الصندوق من وضع مالى مرن، وبإشراف فنى لقطاع الفنون التشكيلية، أتخيل هذا المعرض وكأنه عرس فنى عالمى يعيد مصر إلى مجدها الفنى المسلوب، عبر استضافة أكبر لمصر والعالم العربى وأوروبا وأمريكا وآسيا وأفريقيا، كما أتخيل أن يتم تمثيل جميع أنواع الفنون فيه من تصوير إلى نحت إلى تشكيل زجاج وفخار وخزف وإلى تشكيل فى الفراغ وميديا آرت وحرف تراثية وأثرية، كما أتخيل أنه من الواجب أن نختار محورا بحثيا للمعرض، وأن يتم عمل ندوات دورية فنية تثرى الجمهور بثقافة الصورة، كما أتخيل أن يتم عمل «سوق جمعة» على غرار «سور الأزبكية» فى معرض الكتاب، وفيه يتم تداول اللوحات المستعملة والأنتيكات المختلفة، ويكتمل العرس بعمل مسابقة فنية سنوية لكل فرع من فروع الفن، بالإضافة إلى النقد الفنى، وعمل ورش تعليم الفن للأطفال ليكون إحياء النهضة الفنية مكتملا.
السطور السابقة كتبت يوم العاشر من ديسمبر 2015، وقتها كان الكاتب الصحفى حلمى النمنم هو وزير الثقافة، وقد تفاعل «النمنم» مع هذه الفكرة بإيجابية، محولا إياها للفنان خالد سرور الذى يشغل الآن منصب رئيس قطاع الفنون التشكيلية، واجتمع معى «سرور» لبحث سبل تنفيذ الفكرة، لكى نلحق بركاب الفن الذى تخطانا فيه غيرنا، ولنوضع فى وضعنا الحقيقى لكى تكون «الدولة» الآن على قدر فنها الآن والسابق أيضا، لكن للأسف تاهت هذه الفكرة مثلما تاه غيرها، وأعيد نشرها الآن فى ظل قيادة الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة، لعل المصير يختلف.