ليست وحدها الحرب العسكرية التى تدور على أرض سيناء، ويسقط فيها جنود وضباط مصريون نحسبهم شهداء، ولكن هناك حروب أخرى إعلامية وقانونية، مصدرها الأساسى أن سيناء مطمع دائم وستظل.. وإليك عزيزى القارئ القليل من الحقائق عن صور هذه الحرب.
فى يناير 2015، طلبت الإدارة الأمريكية من الجانب المصرى إدراج جماعة أنصار بيت المقدس ضمن الجماعات الإرهابية.. هذا الطلب فى ظاهره المحبة ويبدو منه حرص الجانب الأمريكى على مصلحة الجانب المصرى، غير أن الجانب المصرى رفض، لأن اعتراف مصر بجماعة أنصار بيت المقدس، معناها اعتراف دولى أمام العالم بوجود جماعة مسلحة على أرضها، ومن ثم فتح الباب أمام أى دولة فيما بعد باستخدام القانون الدولى، التدخل لحماية هذه القطعة من أرض سيناء، باعتبار وجود جماعة مسلحة عليها، تهدد مصلحة الدول الجوار.
حضرتك ممكن تقول لى حالا «أنت زودتها شوية.. مش للدرجة دى»، سأقول لحضرتك، وما رأيك أنه بعد رفض مصر، قامت الإدارة الأمريكية بنفسها بإدراج أنصار بيت المقدس كجماعة إرهابية وصدر بذلك بيان من وزارة الخارجية الأمريكية، بل وسعت فيما بعد للحصول على موافقة من مجلس الأمن، تخيل كل هذا يتم وليس هناك أى أثر سلبى مباشر من جماعة أنصار بيت المقدس على الإدارة الأمريكية، إضافة إلى أن أمريكا ليست حتى دولة جوار ولا يوجد لها أى رعايا على أرض سيناء، بما يعنى أنه ليس هناك تهديد مباشر لها، فضلا عن أن تعامل أمريكا مع أنصار بيت المقدس متناقض تماما فى تعاملها مع جماعة الإخوان، رغم أن الأعمال الإرهابية لجماعة الإخوان تزايدت بعد 30 يونيو، ورغم ذلك لم تأخذ الإدارة الأمريكية أى موقف تجاههم.. ما هو رأيك الآن؟
معلومة أخرى، فى منتصف 2015 كانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر تزور سيناء لإعداد تقرير عن الأوضاع الصحية هناك، وتم السماح لها من قبل الإدارة المصرية، إلا أن المفاجأة أن تقرير الصليب الأحمر وصف ما يجرى على أرض سيناء بأنه نزاع مسلح Armed Conflict، وهنا حضرتك ممكن تقول، وماذا سيضر هذا الوصف، فعلا ما يدور على سيناء هو حرب والجانب الآخر المتمثل فى جماعة أنصار بيت المقدس مسلح فعلا، وبالتالى ليس هناك خطأ فيما قالته اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
لا.. واحدة واحدة.. معنى نزاع مسلح فى القانون الدولى هو اقتتال بين قوى وفصائل متمردة وبين الجيش النظامى الحكومى، والقتال مصدره الأساسى أن لهذه الفصائل المتمردة حقوقا تكافح من أجلها، وهذا وصف يتناقض تماما مع الوضع الحالى فى سيناء، والسؤال هنا لماذا يذكر الصليب الأحمر هذه المصطلحات، لأنه يريد أن يروجها فى الإعلام الغربى والمنظمات الدولية وينقل الوضع فى سيناء على غير حقيقته، لأنه لو تداولت كلمة «النزاع المسلح»، سيترتب عليها البدء فى الحديث عن أن ما يجرى فى سيناء مهدد لدول الجوار، ومن ثم البدء فى وجود ثغرة بالقانون الدولى لتدويل قضية سيناء، وبعد يومين تجد بالقانون القوات الأجنبية على أرض سيناء بدعوى ماذا؟.. بدعوى الحماية!!.
ومن هنا أيضا يجب التفرقة بين عدة مصطلحات يجب علينا نحن كإعلام أن ننتبه إليها، ماذا نقول وماذا لا نقول، قل أنصار بيت المقدس ولا تقل ولاية سيناء.. قل مواجهة ومكافحة الإرهاب ولا تقل مواجهة التمرد.. قل منطقة إنفاذ القانون ولا تقل منطقة نزاع مسلح.. قل مواجهة الإرهاب فى رفح والشيخ زويد ولا تقل مواجهة الإرهاب فى شبه جزيرة سيناء، لأن الغرب يريد تقديم ما يحدث فى رفح والشيخ زويد بامتداد كيلومترات محدودة على أنه يجرى فى شبه جزيرة سيناء بأكملها، وبالتالى تهديد لدول الجوار وللأمن الإقليمى للمنطقة.
وهنا يجب الإشادة بدور القوات المسلحة المصرية فى حفظ الأمن بسيناء عبر العملية الأمنية الأخيرة «سيناء 2018» التى استخدمت فيها القوات المسلحة كل الأسلحة المدرجة لديها، لإعادة الاستقرار من جديد فى سيناء وللوفاء بوعدها للشعب المصرى المتمثل فى القضاء على الجماعات الإرهابية.
حفظ الله مصر وحمى جيشها.