فى حوالى الساعة الثانية من صباح أمس الخميس اخلى قسم شرطة المعادى سبيل محمد الظواهرى شقيق زعيم تنظيم القاعدة حيث كان قد تم ترحيله الى القسم تمهيدا لتنفيذ حكم قضائى من محكمة الجنايات باخلاء سبيله بعد ان قضى نحو العامين والنصف فى سجن العقرب شديد الحراسة على ذمة التحقيقات فى قضية عرفت اعلاميا باسمه هو شخصيا وحصل هو فيها على البراءة بينما صدر ضد متهمين اخرين عقوبات تراوحت بين المؤبد والاعدام
السؤال الذى قفز الى ذهن المتابع العادى عندما صدرت الاحكام فى هذه القضية كان :كيف يبرئ شقيق زعيم تنظيم القاعدة بينما يحصد الاعدام رأس متهم اخر فى نفس القضية لا نعرف عنه شيئا الا ان كنيته "ابو ادم" ؟ وبالامس قفز سؤالا اخر هو: كيف ينام شقيق تنظيم القاعدة فى منزله هكذا بكل سهولة فى دولة تواجه ارهابا يستهدف كل شئ فيها؟..والحقيقة ان الجهة الوحيدة التى تملك اجابات على اسئلة كهذه يفترض انها لا تقضى فى حق شخص لمجرد كونه شقيق فلان –مهما كانت خطورته- او قريب علان –مهما كانت حظوته- وان فعلت فانها لاتصبح قضاءا وهنا يمكن القول ان هذا تحديدا ماجرى مع محمد الظواهرى
فى حيثيات الحكم التى اودعتها محكمة الجنايات فى القضية رقم 4757 لسنة 2014 التى عرفت اعلاميا باسم خلية الظواهرى تقول المحكمة بضمير مستريح :" أن أدلة الإثبات التى قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة، ومجمل ما حوته الأوراق أن إسناد هذه الاتهامات للمتهمين لا يبلغ من وجدان المحكمة أدنى مراتبه، ولا يرقى إلى دائرة قناعتها أدنى درجاته وأن ذلك ما أثاره ضابط التحريات الرائد محمد عبدالدايم، فى محضره المؤرخ 20/10/2013 من أن محمد محمد ربيع الظواهرى، أسس تنظيما إرهابيا، وعمل على ربطه ببعض التنظيمات الإرهابية، بالداخل والخارج بسلسلة، من العمليات الإرهابية بالبلاد، والمتمثلة فى استهداف أفراد الشرطة والقوات المسلحة، وأبناء الطائفة المسيحية، والمنشآت الحيوية الهامة، وهيكلة التنظيم داخل البلاد واستقطاب عناصر جديدة عقب تثقيفهم وصقلهم عقائديا بأفكار ومنهاج التنظيم، موضحاً أنه لم يقم عليها دليلٌ مادى، إذ لم يضبط المتهم متلبسا بأى من الأعمال الإرهابية، أو حاملا لأى أسلحة، أو ذخائر"
والمتابع للقضية يعرف ان محمد الظواهرى تم القاء القبض عليه فى منتصف عام 2013 من منزله بالمعادى بينما كانت مصر فى هذا التوقيت تواجه موجات ارهابية عنيفة من اقصى الجنوب الى اقصى الشمال وكان اغلب قيادات التيار الاسلامى اما هاربا خارج البلاد او مختبئا داخلها وبالتالى فان اقتياد شقيق تنظيم القاعدة الى القضاء -وسط هذه الملابسات- بملابس النوم دون ان يكون بحوزته حتى رصاصة واحدة لن يؤدى الى حكما اخر غير البراءة حتى لو كان هو شقيقه هو الرجل الذى تضع الولايات المتحدة الامريكية على رأسه مايزيد عن ال20 مليون دولار
واقع الامور ايضا يشير الى ان اسرة الظواهرى عاشت وتعيش فى مصر منذ تورط ابناءها ايمن ومحمد مع تنظيمات العنف ولم تخرج منها يوما واحدا ولم يكن النشاط الارهابى لاى منهما سببا فى التضييق على باقى افراد الاسرة والا ماسمح للدكتور هبة الظواهرى شقيقة كل من ايمن ومحمد ان تعمل استاذة فى معهد الاورام التابع للدولة بل ربما الذى لا يتذكره كثيرون ان اسرة الظواهرى اقامت سرادق للعزاء وسط حى لمعادى لزوجة شقيقهم ايمن عندما تسربت انباء عن وفاتها عقب الغزو الامريكى لافغانستان ومن ثم فان الدولة ليست على خصومة مع اسرة الظواهرى حتى تبقى على محمد الظواهرى فى السجن بدون سند قانونى لمجرد كونه شقيقا لايمن
ربما المفارقة الوحيدة فى هذه القضية ان محمد الظواهرى- ذو يعتنق الفكر السلفى الجهادى التكفيرى المعادى لحركة حقوق الانسان ولا يرى فيها الا تزويج الشواذ من الرجال والنساء ببعضهم البعض- قد استفاد رغم كل ذلك بالتعديلات التى ادخلها المجلس القومى لحقوق الانسان على قانون العقوبات ولولاها لظل فى السجن وما عرف لمنزله طريقا فالذى حدث تحديدا ان المحكمة بعد ان برأت الظواهرى احالته الى النيابة بتهمةالمشاركة فى تأسيس تنظيم عرف باسم "الطائفة المنصورة" وتم وضعه قيد الحبس الاحتياطى
هيئة الدفاع عن الظواهرى استغلت تعديلات المادة 201 من قانون العقوبات وطالبت باخلاء سبيله نظرا لان القانون بعد تعديله اصبح ينص على انه "يجوز للسلطة المختصة بالحبس الاحتياطي أن تصدر بدلاً منه أمرا بأحد التدابير الآتية: 1 -إلزام المتهم بعدم مبارحة مسكنه أو موطنه.. 2- إلزام المتهم بان يقدم نفسه لمقر الشرطة فى أوقات محدد.. 3-حظر ارتياد المتهم أماكن محددة .. فإذا خالف المتهم الالتزامات التي يفرضها التدبير، جاز حبسه احتياطيا"
وبالفعل فان الحكم الصادر فى حق الظواهرى يسمح باخلاء سبيله مع اتخاذ تدابير بالزامه بتسليم نفسه لقسم شرطة المعادى مرتين يوميا وكذلك عدم مغادرته القاهرة لانه حتى هذه اللحظة لازال متهما فى قضية الطائفة المنصورة وربما حققت هذه التدابير التوازن بين حقوق الانسان وبين المخاوف من ان يترك شخصا كان يسمى نفسه زعيم التيار السلفى الجهادى حرا طليقا
الجانب الاخر من الامر هو ان الوزن التنظيمى لمحمد الظواهرى داخل التيار الجهادى يساوى صفرا وليس ادل على ذلك سوى انه عندما فتحت امامه الفضائيات والصحف الاجنبية والمصرية بعد خروجه من محبسه عقب ثورة يناير وزعق فيها بتكفير اى شئ وكل شئ لم يتبعه سوى بضعة انفار من عينة احمد عشعوش واصحاب فتوى هدم الاهرامات وتاريخيا فانه كان يوضع دائما –كما الان- فى دائرة الاتهام لمجرد انه شقيق لايمن الظواهرى بل انه عندما تم القاء القبض عليه فى دولة الامارات العربية نهاية التسعينات تم فحصه طبيا وسحب عينات منه تساعد التحقيقات فى التعرف على شقيقه اذن هو فى نهاية الامر "معرف بالاضافة لشقيقه
عند الحديث عن الوزن التنظيمى لمحمد الظواهرى داخل عالم جماعات العنف ذات الاستناد الدينى فان ثمة وقائع يمكن الاشارة اليها انه كان واحدا ضمن حوالى 20 فردا رفضوا مراجعات تنظيم الجهاد التى اصدرها سيد امام الشريف او الدكتور فضل تحت عنوان "وثيقة ترشيد الجهاد " ولم يتبعه احد من عناصر التنظيم داخل السجون الذين كان يقدر عددهم بنحو 10 الاف فردا رغم انه اصدر بيانا اعلن فيه رفضه للمراجعات ونشر فى الصحف المصرية والعربية اما الواقعة الاخرى فكانت اثناء احداث العباسية حيث حدث ان نزل اكثر من مرة الى الاعتصام اشباب التيار الاسلامى امام مبنى وزارة الدفاع للمطالبة بعودة حازم صلاح ابو اسماعيل الى السباق الرئاسى لكنه لم يتمكن من اجتذابهم وظل هؤلاء جميعا ينشطون تحت لافتة "حازمون" وليس "السلفية الجهادية" التى كان يدعو لها هو
هل يمكن ان يذهب محمد الظواهرى الى سيناء؟.. السؤال مطروح منذ الافراج عنه لكن الاجابة ليست بالصعبة فمن ناحية فان التدابير الامنية والقضائية تمنعه من الحركة بحرية فى عموم مصر ومن ناحية اخرى فان الخصومة العنيفة بين القاعدة التى يتزعمها شقيقه وداعش الناشطة هناك من خلال "انصار بيت المقدس" تمنعه من اى تواصل معهم ..الالمحصلة ان القضية برمتها اثارت ضجيجا دون اى طحن