علق السفير سيد قاسم المصرى، أول سفير مصري لدى السعودية بعد عودة العلاقات عام 1988 و عضو وفد مصر «الاستشارى» فى مفاوضات السلام المصرية ــ الإسرائيلية، على الأزمة المثارة حالية بسبب جزر تيران وصنافير.
وقال السفير سيد قاسم المصرى، فى تدوينة على موقع التواصل الاجتماعى، فيس بوك، فى عام ١٩٤٩ قامت القوات المصرية بوضع قوة مدفعية فى جزيرة تيران المصرية التى تبعد ثلاثة كيلومترات عن الساحل المصرى وبوضع قوة مماثلة فى جزيرة تيران وحذرت العدو «إسرائيل» من المرور فى المضيق.
أضاف، تعامل الملك عبدالعزيز آل سعود مع هذا الموقف بذكائه المعهود فليس من الحكمة الاحتجاج على الخطوة المصرية التى لاقت ترحيبا واسع النطاق فى العالم العربى وفى نفس الوقت هو يريد تأكيد حق بلاده فى تبعية جزيرة صنافير لها، لذلك قام بالإبراق إلى الملك فاروق مهنئا ومؤيدا دخول القوات المصرية إلى جزيرة صنافير السعودية ومشيدا بالخطوة التى اتخذتها مصر فى مواجهة العدو المشترك، وبذلك أثبت حق السعودية فى تبعية الجزيرة لها وسار مع التيار العربى المؤيد لهذه الخطوة.
أشار السفير سيد قاسم: "مضت سنوات عديدة مليئة بالأحداث وانسحبت مصر من الجزر بعد هزيمة ١٩٥٦ ثم انسحبت إسرائيل منها عام ١٩٥٧ مقابل تمركز قوات دولية من الأمم المتحدة لضمان حرية الملاحة فى المضيق ثم قام عبدالناصر بطلب سحب القوات الدولية عام ١٩٦٧ واعادت مصر اغلاق الممر الدولى وكان السبب المباشر لاشتعال حرب ١٩٦٧ والنكسة الكبرى التى تمخضت عنها.. وظلت السيطرة للاحتلال الإسرائيلى إلى ان حققت مصر اول انتصار لها على إسرائيل فى حرب اكتوبر ١٩٧٣.. وتلا ذلك توقيع اتفاق السلام عام ١٩٧٩ الذى انسحبت إسرائيل بموجبه من الأراضى المصرية المحتلة وفق ترتيبات معينة يهمنا منها ما يتعلق بمضيق تيران".
أتم: "وفقا للمادة الرابعة من معاهدة السلام قسمت سيناء إلى ثلاث مناطق «أ وب وج» ويقع مضيق تيران داخل المنطقة «ج» ويفصل الملحق رقم واحد «العسكرى» تفاصيل تواجد القوات المصرية والدولية فى المنطقة، وفى حالة مضيق تيران ينص الاتفاق على تمركز القوات الدولية وتشير الخريطة المرفقة إلى المضيق وجزيرة تيران بأنهما جزء من المنطقة «ج»، حيث تتمركز قوات الأمم المتحدة فيها «التى اصبحت القوات الدولية فيما بعد».
أضاف: "مرت سنوات عديدة أخرى شهدت قطع العلاقات الدبلوماسية بين مصر والسعودية، ثم عودتها بعد ٩ سنوات وكنت أنا اول سفير لمصر بعد استئناف العلاقات، والجدير بالذكر فى هذا الصدد أن الأمير سعود الفيصل وزير خارجية السعودية فى ذلك الوقت تحدث مع الدكتور عصمت عبدالمجيد فى شأن جزيرة صنافير حيث إن الأوضاع تغيرت بعد معاهدة السلام ولم تعد الظروف الخاصة التى سمحت لمصر بالتمركز بها قائمة وطلب تبادل خطابات بشأنها لتأكيد تبعيتها للسعودية"، وقد قمت بنفسى بتسليم رسالة من الدكتور عصمت عبدالمجيد إلى الأمير سعود تتضمن اعتراف مصر بتبعية جزيرة صنافير للسعودية.
فى كل تلك المراحل الطويلة التى أشرت اليها، لا أحد يثير من قريب أو بعيد تبعية جزيرة تيران لمصر ووقوع تيران داخل المياه الإقليمية المصرية، وحتى مطالبة السعودية باعتراف مصر بتبعية صنافير للسعودية دون ذكر تيران تعد قرينة على لذلك ضحكت عندما قيل لى أن الفيس بوك يموج بكلام حول إعادة مصر لتيران وصنافير للسعودية مقابل موافقتها على إقامة جسر برى بين البلدين، ثم ذهلت لخبر منسوب إلى مجلس الوزراء يؤكد تبعية تيران للسعودية، وأرجو أن يسارع المجلس بتكذيب هذا الخبر المنسوب اليه.
أشار السفير سيد قاسم المصرى، أن الذى يطالب «بإعطاء» جزيرة تيران للسعودية انما يلقى اليها بجمرة من نار، لأن إسرائيل سوف تطالبها بالدخول طرفا فى معاهدة السلام مع مصر فيما يتعلق بالملاحة فى مضيق تيران والترتيبات الأمنية الخاصة بها.
واختتم كلمه السفير سيد قاسم المصرى قائلاً: الجسر ليس اقتراحا سعوديا بل اقتراح مصرى تقدمت به أنا كسفير لمصر إلى وزارة الخارجية وتم ادراجه فى أول اجتماع للجنة المصرية ــ السعودية المشتركة الذى عقد بالرياض عام ١٩٨٨ وتمت الموافقة عليه من حيث المبدأ، ثم تراجعت السعودية عندما بدأ الحديث فى إسرائيل عن مطالبات بالتزام السعودية بضمان حرية الملاحة فى المضيق فى حال بناء الجسر، وكانت حجة إسرائيل ان أى شخص يقف أعلى الجسر يمكنه أن يلقى قنبلة على سفينة إسرائيلية عابرة ولذا فإنه ينبغى على السعودية أن تؤكد التزامها بالترتيبات الأمنية الخاصة بالملاحة فى مضيق تيران اذا ما اقيم هذا الجسر.
واحقاقا للحق فإننى وان كنت تقدمت بهذا الاقتراح عام ١٩٨٨ ضمن اقتراحات أخرى كثيرة وجاءنى من الدكتور عصمت عبدالمجيد برقية شكر تفيد بأن مجلس الوزراء عقد جلسة خاصة لدراسة هذه الاقتراحات، الا أن الذى لفت نظرى إلى هذا الاقتراح هو الصديق الوزير المفوض التجارى فاروق مخلوف الذى كان يعمل بالسعودية مستشارا لمدير البنك الاسلامى للتنمية ووافانى بدراسة مبسطة تتضمن موقعين بديلين لإقامة الجسر والفوائد التى ستجنيها البلدان والمنطقة من اقامته وسوف أفرد مقالا خاصا لهذا الموضوع بمشيئة الله.