لا تكاد تخلو قناة فضائية من إعلاناتها، وكأنها باتت سلعة إستراتيجية من ضروريات الحياة اليومية للمواطنين، إنها إعلانات عن علاج السحر والمس والجن.
وأنت تتنقل بين قنوات التلفاز المختلفة، تجد نفسك محاصرًا بين هذه الإعلانات لدرجة قد تعتقد معها أنك في حياة سفلية أو تعيش أحداث فيلم من أفلام الرعب أو الخرافات اليونانية القديمة.
الملفت للنظر في الموضوع أن هذه النوعية من الإعلانات تعتمد بالأساس على أسماء غير معروفة لمشايخ من المغرب بالدرجة الأولى، ومن بعدهم السودانيين، لحل مشاكل وهموم المواطنين، أما الغريب أكثر في ذلك هو أن ترى إعلانًا يؤكد مقدرة الشيخ على التحصين ليس من الجن فقط بل من الرصاص والأسلحة البيضاء، واستطاعته أن يجعلك تفوز في جميع المسابقات الدولية ناهيك عن الأموال، أليس أحرى بهم أن يحصولوا هم على هذا المال إذا كان في استطاعتهم أن يفعلوا ذلك مع الآخرين، خاصة وأنهم يحصلون على مبالغ خيالية من المريض جراء ذلك.
دراسات ميدانية عدة لعل أهمها ما قامت بها احدى الجامعات فى دبي مؤخراً، أكدت أن العرب ينفقون أكثر من 15 مليارات دولار سنوياً على الدجالين والسحرة، فيما ينفق المصريون أكثر من 11 مليارًا جنيه وفقاً لدراسة أخرى أجراها الدكتور محمد عبدالعظيم، الباحث بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية، مشيراً إلى أنه يوجد في مصر فقط دجالاً لكل 120 مواطنًا، وبينت الدراسة أن 70% من المترددين على هؤلاء المشعوذين هم من النساء.
أبرز المعتقدات في العلاج بالجن
1- حرائق الجن
قرى كاملة بمحافظات مختلفة من البلاد اشتعلت النيران فيها دون معرفة هوية فاعلها، كان أشهرها أو تكاد قرية المناصافور بمحافظة الشرقية، لدرجة أن أهالي هذه القرى أكدوا أن الجن وراء هذه الأفعال الشيطانية، ما جعلهم يستعينون في آحاين كثيرة بالسحرة وخاصة المغاربية منهم.
2- البقرة المبروكة
حالة نادرة شهدتها منذ فترة ليست بالبعيدة، قرية كفر سعد بمركز الرحمانية في محافظة البحيرة، حيث ادعى مزارع إمتلاكه لبقرة يشفي لبنها جميع الأمراض حتى المستعصية منها، ما حول القرية إلى أن تكون مقصدًا للراغبين في التشافي من كل حدب وصوب لشرب لبن البقرة المباركة.
3- النظر في المرآة وراء تعاسة الفتيات
تحذيرات موروثة تدعوك إلى عدم الوقوف كثيراً أمام المرآة، خاصة بالنسبة للفتيات، خشية من أن يعجب بها أحد سكان هذا العالم السفلي من الجن، ومن ثم يعمل إلى إيقاف حالها، ويفقدها السعادة ويسبب لها التعاسة.
4- الصراخ في الحمام تسبب مس الجن
لا تصرخ في الحمام حتى لا تصاب بالمس السفلي، حيث يعد المرحاض سكن الشيطان والجن، ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل إلى عدم سكب أية سوائل ساخنة فيه، حتى لا يتأذي الجن ومن ثم يتم الانتقام من الفاعل وإلحاق الضرر به.
5- الكلاب والقطط السوداء نذير شوؤم
ومن المعتقدات الأخرى التي تسيطر على ثقافة شريحة كبيرة من المصريين، هو التشاؤم بل الخوف من الكلاب والققط السوداء، خشية أن تكون أجسادها مسكونة بالجن.
6- لا تحاور القرين
لا تحاول أن تحاور "القرين"، تحذيرات أخرى تدعو إلى البعد عن الحوار والحديث مع النفس خاصة فى الغرف المغلقة، كذلك السير بمفردك في أماكن غير مأهولة بالسكان، حيث يستفز ذلك قرينك ويدفعه للتدخل في حياتك ومرافقتك في جميع تحركاتك.
7- الأطفال القطط
تنتشر في صعيد مصر أسطورة عن تحول روح التوائم إلى قطط ليلاً والانتقام من جميع من تعرض لها بأذى خلال ساعات النهار، ما دفع الكثير إلى معاملة التوائم معاملة حسنة ناهيك عن القطط.
8-الاعتقاد في تفسير الأحلام والتحصين
برامج الأبراج وتفسير الأحلام والتحصين من الجن غزت عدد كبير من الفضائيات بفضل ما تدره من أرباح هائلة على تلك القنوات ناهيك عن حجم الإقبال الجماهيري لمتابعة مثل هذه البرامج لعل أشهر من قدم مثل هذه البرامج ريهام سعيد، حيث خصصت حلقات كاملة لإخراج الجن من أجساد بعض الفتيات، كما تم استدعاء روح الرئيس الراحل أنور السادات في أحد البرامج على قناة أخرى، ما يرسخ عند المشاهد عقائد الإيمان بمثل هذه الغيبيات ومن ثم البحث عن السحرة بغية العلاج.
هل يكون الحل لمواجهة اتجاه الإنسان إلى الإعتماد على السحرة لتسخير الجن من أجل حل مشكلاته وعلاجه من الأمراض المختلفة، هو إنشاء مراكز لعلاج مثل هذه الحالات لمعالجة المواطنين، تكون تحت أعين الدولة، وإشراف مباشر من الأزهر، أما أن إنشاء مثل هذه المراكز يعد مخالفًا لدولة العلم التي نطمحها؟
