ما أشبه اليوم بالبارحة، منذ أكثر من خمس سنوات مضت، قتل خالد سعيد الذي يعد الشرارة الأولى لثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، ضربًا بأيدي شرطيين اثنين أمام العديد من شهود العيان في منطقة سيدي جابر بالإسكندرية.
ما حدث لخالد سعيد كان القشة التي قصمت ظهر نظام مبارك، حيث أثار ما فعله بعض أفراد الشرطة، وخاصة الأمناء منهم ضد خالد سعيد وغيره من الشبان، غضب عارم لدى رجل الشارع، ما أدى إلى الخروج للتظاهر في الخامس والعشرين من يناير ضد ظلم النظام وبطشه.
ويبدو أن بعض أفراد الشرطة لم يفهموا الدرس بعد، حيث خلف مقتل خالد سعيد انتفاضة مباشرة وثورة عارمة عمت جميع محافظات البلاد، واليوم فقط يتكرر السيناريو نفسه مرة أخرى، بخروج أكثر من عشرة آلاف طبيب في تظاهرة احتجاجية سلمية، رفضاً لما حدث من إعتداءات ضد زملائهم في مستشفى المطرية التعليمي على أيدي عدد من أمناء الشرطة بقسم المطرية، بعد رفض أحد الأطباء منح أحدهم ويدعى "محمد رضوان" تقريراً طبياً مزوراً، فما كان من هؤلاء الأمناء التسعة إلا أن قاموا بالإعتداء على أطباء المستشفى وسحلهم.
"محمد رضوان" أمين شرطة ضمن قوة قسم المطرية بمحافظة القاهرة، إعتاد على فرض إتاوات على المواطنين وخاصة التجار منهم، وبعد ثورة الخامس والعشرين من يناير اختفى "رضوان" عن الأنظار، ولم يستدل عليه، وكأن الأرض قد ابتلعته. وبعد ثورة 30 يونيو، عاد "رضوان" أكثر شراسة في معاملة تجار المطرية وفرض الإتاوات عليهم.
ولتقريب المشهد إلى أذهان القراء أكثر، أكد شهود من أهالي منطقة المطرية أن أمين الشرطة "محمد رضوان" كان يتقمص دور أمين الشرطة حاتم في فيلم "هي فوضى" حيث كان يستقل سيارة "ميكروباص"، ويقوم بالمرور يومياً على تجار المنطقة للحصول على الإتاوة المقررة عليهم بشكل يومي وقدرها 100 جنيه لكل تاجر، وكان ذلك قبل 25 يناير 2011، ثم عاد لذلك بعد ثورة 30 يونيو.
قال عدد من تجار المطرية في تصريحات صحفية لهم إن رضوان كان يحصل من تجار الدواجن فقط على مبالغ تصل إلى 500 جنيه في اليوم الواحد، عن طريق استغلالهم وابتزازهم ومن يتخلف عن الدفع يكون البشط جزاءه.
وفي حال تأخر أحد التجار في دفع الإتاوة إلى أمين الشرطة "محمد رضوان"، كان عقابه مصادرة منتجه أو سلعته التي يقوم بالاتجار فيها، مثل الدواجن وغيرها من السلع وهي في طريقها إليه وقبل وصولها للتاجر، ولا يفرج عنها "رضوان" إلا بعد دفع الإتاوة.
بهذه الكلمات خاطب أمين قسم المطرية "محمد رضوان" أطباء مستشفى المطرية بعد الإعتداء عليهم وأثناء اقتيادهم إلى قسم الشرطة مؤخراً.
" عندك أولاد ربيهم ربنا يخليهم لك".. بهذا التهديد الصريح والمباشر رد أمين الشرطة "محمد رضوان" على شاهد عيان يدعي "حسن" كان قد اتصل ببرنامج "العاشرة مساء"، المذاع على فضائية "دريم"، ليدلي بشهادته في واقعة اعتداء عدد من أمناء الشرطة على أطباء مستشفى المطرية، حيث أكد المتصل أن رضوان قام بضرب طبيب الإستقبال ووضع حذاءه فوق رأس الطبيب. فكان رد أمين الشرطة الذي كان حاضراً كضيف ستديو مع وائل الإبراشي على المتصل إلا أن قال له " عندك أولاد ربيهم.. ربنا يخليهم لك".
نظام مبارك أسقطه أفراد الشرطة، ويبدو أن أمناء الشرطة تحديداً، هم من يهددون نظام السيسي، حيث لم نشهد منذ ثورتي 25 يناير و30 يونيو، مثل هذه الأعداد الغفيرة التي خرجت اليوم، في تظاهرة الأطباء، تنديداً بما قام به عدد من أمناء الشرطة ضد زملائهم في مستشفى المطرية التعليمي، فهل ثمة من يسمع ويرى؟