بدأت حركة حماس الفلسطينية تغيير استراتيجيتها الراهنة بسبب مواقفها المتخبطة والتدخلات السافرة فى شئون الدول العربية منذ اندلاع الاحتجاجات فى الدول العربية منذ عام 2011 وبدأت الحركة محاولات لتغيير جلدها لمواكبة الأوضاع الراهنة وكان أولها انتخابات رئيس مكتب لحماس جديد فى غزة والكشف عن وثيقة سياسية تفك ارتباطها بجماعة الإخوان وترسم مستقبل واستراتيجية حماس.
وفى محاولة جديدة للتكفير عن خطايا خالد مشعل، أعلنت حركة حماس الفلسطينية، انتخاب القيادى فى الحركة إسماعيل هنية رئيسا جديداً للمكتب السياسى.
وبهذا يكون هنية أو "أبو العبد" كما يطلق عليه الرئيس الثالث لمكتب الحركة السياسى، فقد شغل المنصب لأول مرة الدكتور موسى أبو مرزوق الذى انتخب فى العام 1992 وحتى العام 1995، ثم خالد مشعل، الذى شغل المنصب منذ العام 1996 وحتى الآن.
وقال الناطق باسم حركة حماس، عبد اللطيف القانوع، معقبا على انتخاب هنية أن "انتخابات الحركة انتظمت فى موعدها، رغم كل الظروف التى تمر بها؛ وهذا يعكس قوة تماسك صفها الداخلى، ويرسخ شوريتها، ويعزز احترامها للوائحها الداخلية، وهو تأكيدٌ على أنها حركة وليدة تضخ دماء جديدة، وتجدد قياداتها فى كل المستويات التنظيمية واللجان والدوائر المختلفة بشكل دورى".
وفاز إسماعيل هنية برئاسة المكتب السياسى لحركة حماس بعد حصد غالبية الأصوات فى الانتخابات الداخلية التى جرت فى غزة والدوحة.
ويأتى الإعلان عن فوز إسماعيل هنية فى ختام الانتخابات الداخلية لحركة حماس والتى جاء من خلالها الأسير المحرر يحيى السنوار قائدا للحركةبغزة.
ومن المتوقع أن يقوم إسماعيل هنية بتحركات لنزع فتيل الأزمة بين حماس والعديد من الدول العربية وفتح اتصالات جديدة مع الدول المعنية بقضية فلسطين للترويج لوثيقة حركة حماس السياسية الجديدة.
ويعد انتخاب يحيى السنوار قائدا لحركة حماس فى غزة بمثابة تحول فى مراكز القوى داخل المكتب السياسى بحيث يتم انتخاب أبرز قادة كتائب القسام الجناح العسكرى لحركة حماس كقائد للحركة فى غزة ومن المقرر أن يكون السنوار صاحب القرار الأول فى الحركة برغم ترأس هنية لرئاسة المكتب السياسى وذلك بسبب طبيعة شخصية السنوار العسكرية وإداراته للأمور الحساسة داخل القسام مما يؤهله لقيادة الحركة فعليا على الأرض فيما يقودها اسماعيل هنية الذى من المقرر أن يسافر لقطر لإدارة شئون حركة من الدوحة.
وولد إسماعيل هنية فى مخيم الشاطئ للاجئين فى الثالث والعشرين من مايو عام 1963 التى لجأ إليها والداه من مدينة عسقلان عقب النكبة. ثم تعلم فى الجامعة الإسلامية فى غزة، وفى عام 1987 تخرج من الجامعة الإسلامية بعد حصوله على إجازة فى الأدب العربى، ثم حصل على شهادة الدكتوراه الفخرية من الجامعة الإسلامية عام 2009.
وبدأ هنية نشاطه داخل الكتلة الإسلامية ومنها انبثقت حركة المقاومة الإسلامية حماس، وعمل عضوا فى مجلس طلبة الجامعة الإسلامية فى غزة بين عامى 1983 و1984، ثم تولى فى السنة الموالية منصب رئيس مجلس الطلبة، حيث عرفت الجامعة فى هذه الفترة خلافات حادة بين الكتلة الإسلامية، والشبيبة الفتحاوية التى مثلت الذراع الطلابية لحركة فتح التى كان يترأسها دحلان فى الجامعة.
وبعد تخرجه عمل معيداً فى الجامعة، ثم تولى الشئون الإدارية بعد ذلك. وبعد قضاء عام فى المنفى عاد إلى غزة، وتم تعيينه عميداً فى الجامعة الإسلامية بغزة.
وفى عام 1997 تم تعيينه رئيساً لمكتب الشيخ أحمد ياسين، الزعيم الروحى لحركة حماس، بعد إطلاق سراحه، تعزز موقعه فى حركة حماس خلال انتفاضة الأقصى بسبب علاقته بالشيخ أحمد ياسين وبسبب الاغتيالات الإسرائيلية لقيادة الحركة، فى ديسمبر 2005 ترأس قائمة التغيير والإصلاح التى فازت بالأغلبية فى الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية عام 2006م.
وفى 16 فبراير 2006 رشحته حماس لتولى منصب رئيس وزراء فلسطين وتم تعيينه فى العشرين من ذلك الشهر، وفى 2006 هددت الحكومة الإسرائيلية باغتياله ما لم يفرج عن الجندى الأسير جلعاد شاليط.
وفى 14 يونيو 2007 تمت إقالة هنية من منصبه كرئيس وزراء من قبل رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس، إلا أن هنية رفض القرار لأنه اعتبره "غير دستوري" ووصفه بالمتسرع مؤكداً "أن حكومته ستواصل مهامها ولن تتخلى عن مسؤولياتها الوطنية تجاه الشعب الفلسطينى".
ونادى هنية بالمصالحة الفلسطينية مع حركة فتح وأعلن قبوله مرات عدة التنازل عن رئاسة الحكومة فى إطار المصالحة الشاملة، وقال هنية عند تسليمه الحكومة: "إننى أسلم اليوم الحكومة طواعية وحرصا على نجاح الوحدة الوطنية والمقاومة بكل أشكالها فى المرحلة القادمة". وسجنته سلطات الاحتلال الإسرائيلية عام 1989 لمدة ثلاث سنوات، ثم نفى بعدها إلى مرج الزهور على الحدود اللبنانية الفلسطينية مع ثلة من قادة حماس، حيث قضى عاماً كاملاً فى الإبعاد. عام 1992.