"شبرا تتحدث عن نفسها" داخل ذلك الحى العتيق الذى يبلغ من العمر ما يقرب من 208 أعوام يقطنه مجموعة من المصريين تجمعهم وحدة الدم والأرض والتآخى، فمنذ 27 عاما يلتف أهالى شارع "عبد الله صالح" بمنطقة "مسرة" طوال شهر رمضان الكريم حول "مائدة رحمن" واحدة يقيمها ويشارك فيها أهالى الحى كل حسب استطاعته سواء مادياً او معنوياً. حتى يأتى ذلك اليوم الذى يحتفل فيه أهالى المنطقة بالشهر الكريم وقدوم عيد الفطر المبارك، ولكن احتفالاً من نوعٍ خاص، حيث يدعو أهالى المنطقة أكثر من 30 طفلا من دار أيتام "الأسرة المحمدية" بحى شبرا فيشاركوهم الإفطار، وبعده يبدأ الاحتفال شامل "مسرحية للأطفال، رقص، غناء"، وفى النهاية توزع الهدايا والعيدية على الأطفال.
انفراد شارك أهالى شارع "عبد الله صالح" بمنطقة "مسرة" ذلك الاحتفال، ورصد روح المحبة التى سادت المكان بأكمله وفرضت نفسها على الحضور جميعاً وحتى على المارة فى الشارع، يقول "جميل فوزى" من أهالى الحى: الأطفال أحباب الله وجب علينا افراحهم وإسعادهم ولذلك نحرص جميعاً على إقامة الاحتفال فمنهم من كبر وتزوج ولكنه يأتى كل عام ليقضى معنا تلك الليلة المباركة، كما أن كل المشاركين فى الاحتفال لم يتقاضوا أى أجر سواء كانت فرقة تمثيل العرائس أو الـ"dj" أو أصحاب المسرح ووالفراشة فالكل شارك فى هذا اليوم محبة الله تعالى "وعشان خاطر رمضان، وكل عيد فطر مبارك على المصرين مسحيين ومسلمين والعالم كله".
أما "وجدى جبريال" صاحب فرقة تمثيل العرائس التى قدمت عروض الاحتفال وأيضاً صاحب مطبعة فى نفس الحى يقول إنه ينتظر هذا اليوم بفارغ الصبر كل عام ليشارك فى الاحتفال، فيظل طول العام يحضر لتلك الليلة من مسرحية مفيدة تقدم معلومة للطفل وملابس وشخصيات جديدة للفرقة كى تطفى البهجة على العرض، فهذا يوم مبارك فى شهر مبارك لا فرق فيه بين مسيحى ومسلم، وتابع "طول عمرنا عيشين مع بعض فمن حوالى أكثر من 20 عاماً حدث حريق داخل ورشتى وكان والدى بداخها أتذكر جيداً أن الحاج "جلال" جارى المسلم هو اللى دخل وجاب والدى من وسط النار، خاف على أبويا أكثر من نفسه والصنيعية هما إللى طفوا الحريق وكانوا كلهم مسلمين"وأكد جبريال" كلنا مصرين وفى مركب واحد ومافيش حد اسمه مسلم ومسيحى".
والتقط الحديث "محمد شنبو" القائم على "مائدة رحمن" شارع "عبد الله صالح" بمنطقة "مسرة" والطاهى للمأكولات المنظم لها فقال: يعبر اليوم من أجمل الأيام فى الشهر الكريم بمشاركة الأطفال، حيث إننا نحضر لذلك الاحتفال من الصباح نعد الإفطار ونجهز المسرح والشخصيات المشاركة، كما أن شعار احتفالنا هذا العام شعار هو"المحبة لكل الناس مسلم ومسيحى".
وتابع "شبنو" ندعو كل عام دار أيتام الأسرة المحمدية ليشاركونا للأفطار آخر ليلة من ليالى شهر رمضان الكريم، وبعد الافطار مباشرة تبدأ الحفلة واليوم قدمنا مسرحية للأطفال بعنوان "مساميرو" وبعدها فقرة للرأس مع الأطفال وسماع الأغانى والموسيقى وبعدها نوزع الهديا والعيدية عليهم، فهذه الليلة خاصة لهؤلاء الأطفال فقط،وتابع"كل الناس فى المنطقة والورش والبيوت جايين خدمة للأطفال لأنهم المستقبل" .
"كأنى مع أهلى وناسى وأخواتى" كلمات بسيطة قالها "علاء" أحد أبناء دار الأسرة المحمدية للأيتام، وتابع "أنا بستنى كل رمضان عشان اللمة الحلوة دى، ومش الليلة دى بس أنا بنزل على طول وأقعد معاهم ولما أحتاج حاجة أو أحب أتكلم مع حد بروح لعم "بيكا" و"شنبو" الأهالى هنا مش سيبنا.. هم معانا على طول".
أما "شيماء" من بنات دار الأسرة المحمدة الآتى تربت فى الدار وتزوجت وأنجبت ومع ذلك تأتى سنوياً لتشارك فى الحفل فقالت: رغم أنى تزوجت إلا أنى حريصة على مشاركة أخواتى فى الدار وأهلى فى شارع "عبد الله صالح" احتفالهم، وتابعت: "أنا جيت الدار وكان عندى سنتين اتربيت وسط الناس دى ما شفتش فرق بين مسلم أو مسيحى كلنا واحد أنا متزوجة واحد من أهالى الشارع والحمد لله عايشة سعيدة ومبسوطة، ولما بحتاج حاجة بجى لأهلى عم جميل فوزى وعم محمد شنبو وأهالى الشارع مش سيبنا خالص".
ويقول "محمد عيد" مشرف الأمن على دار أيام الأسرة المحمدية بمطقة مسرة فى حى شبرا: إن أطفال الدار تشارك كل عام فى الاحتفال، حيث إن القائمين عليه يقدمونه على الوجه الأكمل، فسعادة الأطفال فى هذا اليوم لا تقدر ضحك ولعب ومسرح عرائس ومشاركة الأطفال للإفطار مع أهالى الحى يعطيهم ثقة كبيرة ويرجعون الدار بداخلهم حماس شديد فى مستقبل أفضل.
كما وجه "محمد شنبو" رسالة لكل المصريين فى العالم بأكمله قال فيها: "مصر كلها إيد واحدة ولكل متشكك فى وحدة المسلمين والمسحيين فى مصر،العيب فيكم أنتم عشان متربتوش على الحب والسماحة والتعاون والإخلاص تعالوا عندنا فى شبرا فى أى وقت وإحنا نعلمكم ونحللكم مشاكلكم".