خلقت المادة 98 فقرة ( و ) من قانون العقوبات والخاصة باتهام "ازدراء الأديان" حالة من الجدل الكبير ما بين مطالب بإلغائها، ومطالب بتعديلها، ومتمسك ببقائها كما هى، وانتقلت هذه الحالة إلى مجلس النواب الذى يبحث الآن مطالب عدد كبير من النواب بإلغاء المادة.
وجاءت مطالب ما يزيد عن 100 نائب تقدموا بطلب رسمى إلى الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب بمقترح لإلغاء المادة، بسبب رؤيتهم بأنه تم التوسع مؤخراً فى استخدام هذا الاتهام والذى امتد لأصحاب الرأى، مؤكدين على أن هذه المادة تتعارض مع حرية الرأى والتعبير الذى كفلهما الدستور.
وتنص المادة 98 الفقرة ( و ) من قانون العقوبات على "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز ألف جنيه كل من استغل الدين فى الترويج أو التحبيذ بالقول أو بالكتابة أو بأي وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعى".
"تشريعية النواب": لن يتم إلغاء مادة ازدراء الأديان والمرجح إلغاء الحبس والإكتفاء بالغرامة
وكشف مصدر بلجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب لـ"انفراد"، أن الاتجاه بين أعضاء اللجنة ليس إلغاء المادة كما يقترح عدد من النواب ولكن الاتجاه نحو تعديلها وضبط صياغتها، مضيفاً "من المرجح أن يتم إلغاء الحبس وتبقى المادة على الغرامة".
ومن جانبه، قال المستشار بهاء أبو شقة رئيس اللجنة، أن مجلس النواب حدد جلسة الأسبوع القادم لمناقشة المقترح المقدم من عدد من النواب والذى يطالب بإلغاء هذه المادة، لأنهم يروا أنها تصطدم مع الحريات.
وأشار أبو شقة لـ"انفراد"، إلى أن المقترح معروض الآن على لجنة الشئون الدستورية والتشريعية وسوف تناقشه وتقدم تقرير حوله إلى مجلس النواب لتتم مناقشته خلال الجلسة العامة، والرأى الذى سينتهى إليه غالبية المجلس هو الذى يعتمد.
طارق نجيده: أؤيد إلغاء المادة لأنها ضد التفكير وضد حرية الرأى والتعبير
وأوضح المحامى بالنقض طارق نجيده، أن المادة 98 فقرة ( و ) أضيفت إلى قانون العقوبات بموجب القانون 29 لسنة 1982، مضيفاً أنه مع إلغاء هذه المادة بالكامل لأنها بكل ما جاء فيها من مصطلحات فضفاضة وغير منضبطة قصد بها منع التعبير عن الرأى والتفكير فى كل مناحى الحياة التى تتعلق بالدين أو الشريعة أو الفقه.
وأضاف نجيده، "بالقطع الدين ثابت لكن الفهم والفقه يرد فيه الاجتهاد والتجديد، ووجود هذه المادة توقف عملية التفكير وتجرمها ، قائلا "وبالتالى أنا مع إلغائها".
وتابع، "مفهوم الازدراء هو التحقير أو التقليل من الشئ، وهم يعتبرون أن مجرد التفكير والنقد والاجتهاد ازدراء وتحقير وتقليل من شأن الدين ويصل الأمر إلى حد اعتبارهم أن الفقه القديم الذى يستندون إليه من السلف الصالح وغير الصالح، يعتبروه كأنه جزء من الدين وأن الحديث عنه يصل إلى حد إنكار لما هو معلوم من الدين بالضرورة.
محمود كبيش: لابد من إعادة صياغة المادة لتحديد حالات التجريم
وقال محمود كبيش عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة السابق، "المشكلة ليست فى هذه المادة وحدها بل أن كثير من نصوص قانون العقوبات ومن بينها المادة الخاصة بازدراء الاديان تحتاج إلى إعادة صياغة لتحدد بدقة حالات التجريم..أما المادة 98 فقرة ( و ) والخاصة بازدراء الأديان، فالنص به عبارات واسعة وفضفاضة بحيث تتسع لتجرم ما تريد"، مؤكداً أن هذه المادة وغيرها من مواد قانون العقوبات تحتاج إلى إعادة صياغة لتحدد بدقة حالات التجريم والعقوبات، حيث أن المادة بصورتها الحالية واسعة فضفاضة تحتاج إلى إعادة صياغة كاملة لضبط الألفاظ لتتناسب مع نصوص الدستور.
وأوضح كبيش فى تصريحات لـ"انفراد"، أن المصطلحات العامة مكروهة وفقاً لأصول التشريع الجنائى، خاصة ونحن نتحدث عن عقوبات قد تصل إلى حد المساس بحياة شخص، مطالباً بضرورة أن تكون النصوص واضحة محددة لا تدع للمطبق فرصة لكى يخلق الجريمة، لأنه إذا كان النص واسعاً معناه أن القاضى يمكن أن يرى هنا جريمة وهناك ليس جريمة رغم تماثل الحالتين.
وأضاف عميد كلية الحقوق أنه مع تعديل النص وليس إلغائه، وأنه مع توقيع العقوبة حال الاعتداء على الدين، ولكن لابد أن أعاقب بعبارات محددة، وأحدد صور الاعتداء حتى يكون المخاطب بالنص على علم متى يقع ومتى لا يقع تحت التجريم؟.
شوقى السيد: حرية الرأى والتعبير إذا إنحرفت تدخل فى نطاق الجريمة
أما الدكتور شوقى السيد أستاذ القانون الدستورى، فيرى أن هذه المادة لا تتعارض مع حرية الرأى والتعبير، وقال إن "حرية الرأى والتعبير مانشت كبير يندرج تحته أمور كثيرة، فحرية التعبير إذا انحرفت فتدخل فى نطاق الجرم"، مشيراً إلى أن جريمة ازدراء الأديان والسب والقذف هى انحراف عن هذه الحرية.
وشدد السيد على أنه لا تعارض بين حرية الرأى وجريمة ازدراء الأديان، فهى جريمة منصوص عليها فى قانون العقوبات، والأحكام قابلة للاسئتناف، مؤكداً على أنه ليس مع إلغاء النص أو تعديله.
أشهر قضايا ازدراء الأديان
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية رصدت خلال العام 2015 9 قضايا أدين فيها 12 شخص بتهمة ازدراء الأديان، وربما كانت أشهر القضايا الخاصة بهذا الاتهام هى قضية الباحث إسلام بحيرى، الذى حكم عليه بتهمة ازدراء الأديان بالسجن عاماً، وكذا الكاتبة والشاعرة فاطمة ناعوت التى صدر ضدها حكم بالحبس 3 سنوات لنفس الاتهام.
وأيضاً الحكم الصادر من محكمة جنح أحداث بني مزار في القضية رقم 350 لسنة 2015، بالسجن خمس سنوات لثلاثة طلاب أقباط لإتهامهم بازدراء الأديان على خلفية تصوير مقطع تمثيلى ساخر يتهكم على بعض ممارسات تنظيم " داعش" الإرهابى.
وفى مارس 2015، أيدت محكمة جنح مستأنف ادكو، الحكم بحبس "كريم أشرف محمد البنا"، (22 عاما، طالبا بكلية هندسة)، ثلاث سنوات، بتهمة ازدراء الأديان.
وفى مارس 2014 صدر حكم بسجن الكاتب كرم صابر إبراهيم، عضو اتحاد الكتاب، 5 سنوات، بتهمة ازدراء الأديان بسبب مجموعته القصصية "أين الله".