هل تتذكرون الطفلة "بدور".. هل تتذكرون الطفلة "نرمين حدادا".. هل تتذكرون الطفلة "سهير الباتع".. كذلك الطفلة " كريمة رحيم "؟.. جمعيهن فقدن حياتهن فى عمليات ختان إناث، ضحايا التخلف المجتمعى وغياب القانون.
ميار محمد موسى، ذات الـ 17 سنة طفلة جديدة لختان الإناث، فقدت حياتها على أيدى والدتها وطبيبة جراحة شهيرة فى السويس.
قصور تشريعى فى العقوبة
قالت نهاد أبو القمصان، مدير المركز المصرى لحقوق المرأة، إننا لدينا قصور تشريعى فى العقوبات المتعلقة بجريمة ختان الإناث، فهذه الجريمة هى بتر جزء من جسد الفتاة عمداً دون أى مبرر طبى، مشيرة إلى أن عقوبة بتر أى عضو فى جسم الإنسان تصل إلى السجن 7 سنوات.
وأضافت "أبو القمصان"، أن التعديل التشريعى الذى أدخل على قانون العقوبات عام 2008 له إيجابيات، وهى أنه حسم أن الختان جريمة، وليس لها علاقة بالدين ولا الثقافة، بل جرمها القانون المصرى، لكن عيب القانون أنه خفض العقوبة، فعقوبة بتر أى عضو فى جسم الإنسان تصل إلى السجن 7 سنوات، بينما هنا فى جريمة الختان أقصى عقوبة هى الحبس سنتين، بالتالى القانون نزل بالعقوبة فى جريمة من الأساس عقوبتها 7 سنوات.
وأشارت مدير المركز المصرى لحقوق المرأة إلى أن المشكلة ليست فى التشريع فقط بل فى التنفيذ، فالحالات التى تصل للمحاكم حالات نادرة للغاية، حتى التى تصل لا تنفذ الأحكام، موضحة أنه كانت هناك حالة لطفلة تعرضت لمضاعفات شديدة بعد إجراء عملية ختان، وصدر حكمان بالحبس شهراً للطبيب الذى أجرى العملية ووالد الفتاة، إلا أن الحكم لم ينفذ، والطبيب يمارس عمله فى عيادته بشكل طبيعى، وحين لجأنا إلى الشرطة لتنفيذ الحكم، كان الرد بأنه لم يستدل على عنوانه، بالرغم من أن عيادة الطبيب معروفة وهو يمارس عمله حراً طليقاً، مشيرة إلى أنه لا توجد جدية لدى الشرطة فى الحالات التى تتعلق بالأسرة المصرية.
وأكد "أبو القمصان"، أننا أمام ظاهرة "تطبيب الختان"، موضحة أنه حين صدر القانون امتنعت الممرضات و"الدايات" عن إجراء هذه العمليات خوفاً من المساءلة، فأفسحوا المجال لأطباء بلا ضمير لإجراء تلك العمليات.
وانتقدت مدير المركز المصرى لحقوق المرأة عدم قيام نقابة الأطباء بدور لحماية المواطن من الجريمة الطبية، مؤكدة أن النقابة دورها سلبى ومقصرة ولا تعبأ بمصالح الناس.
وحول عودة الظاهرة من جديد وتكرارها، أكدت نهاد أبو القمصان أن هناك تراجعاً فى حملات التوعية من جانب الدولة، موضحة أنه بعد تعديل القانون فى 2008 حدث تراجع كبير بنسبة 30% فى عمليات ختان الإناث، ولكن خلال السنوات القليلة الماضية عادت الظاهرة من جديد، وكشفت عن أن السلفيين خلال فترة حكم مرسى كانوا يقومون بقوافل طبية فى مختلف أنحاء الجمهورية لختان الإناث، وفى المقابل فإن الدولة ليست جادة فى محاربة الأفكار المتطرفة.
ورداً على تقصير نقابة الأطباء، قال الدكتور خالد سمير، عضو مجلس نقابة الأطباء، إن النقابة تتحرك إذا ما قدمت شكوى إليها ضد أى طبيب، وإذا ما ثبت جديتها تقوم بتحويله للتأديب، مشيراً إلى أن النقابة لا تراقب الأطباء.
وأوضح عضو مجلس الأطباء، أن محاسبة الطبيب ليس مكانه النقابة، ولكن مكانه النيابة العامة ووزارة الصحة، أما النقابة فمحاسبتها تكون تأديبية على المستوى المهنى والأخلاقى.
وأكد "سمير" أن ختان الإناث ليس ممارسة طبية ولكنها جريمة، مثلها مثل سرقة الأعضاء، وجهة الاختصاص هنا هى النيابة العامة، متسائلا إذا كانت هذه العمليات تجرى فى المستشفيات فأين دور وزارة الصحة فى الرقابة عليها؟.
وأضاف عضو مجلس النقابة، هناك جهات كثيرة مسئولة عن هذه الجريمة، ولكن "الناس بتسيب كل حاجة وتمسك فى الطبيب"، وبالرغم أن من يقوم بهذا العمل هو مجرم وليس طبيبا ويجب محاسبته، مؤكداً غياب دور وزارة الصحة والإعلام ووزارة التربية والتعليم والأزهر والكنيسة والمجلس القومى للمرأة، قائلا، "مفيش حد فى المجتمع يقوم بدوره".
تجريم منذ 2008
خلال العام 2008 جرمت مصر "ختان الإناث" بتعديل تشريعى فى المادة 242 مكرر من قانون العقوبات لتغليظ العقوبة على ختان الاناث للطبيب والأهل.
وتنص المادة 242 مكرر من قانون العقوبات : "مع مراعاة حكم المادة (61) من قانون العقوبات، ودون الإخلال بأى عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة اشهر ولا تجاوز سنتين أو بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه كل من أحدث الجرح المعاقب عليه فى المادتين ( 241، 242 ) من قانون العقوبات عن طريق ختان لأنثى" .
ورغم أن التعديل والتجريم حدث فى 2008، فإن الختان لا زال مستمرا، ولم تحال سوى قضية واحدة للمحاكمة هى قضية " سهير " طفلة الدقهلية التى ماتت فى عملية ختان يونيو 2013، وصدر الحكم فيها يناير 2015 بمعاقبة الطبيب بالحبس سنتين إلا أن والد الضحية تصالح معه وخرج منها الطبيب.
تاريخ طويل لضحايا ختان الإناث
القضية الفاصلة فى ختان الاناث التى قامت بعدها حملة أدثت إلى تعديل القانون كانت بوفاة الطفلة " بدور" طفلة المنيا فى 2007، والتى استيقظ بعدها الضمير الحكومى والمجتمعي، واتخذ يوم وفاتها 14 يونيو من كل عام يوما وطنيا لمناهضة ختان الاناث.
وفى نفس العام 2007 وقعت حادثة وفاة الطفلة كريمة رحيم فى الغربية، وكذا خلال عام 2012 توفت الطفلة "نرمين حداد" فى المنوفية بنفس البشاعة.
ورغم التجريم وحملات الأزهر والإعلام والحكومة، فإن تقرير للأمم المتحدة لعام 2013، أوضح أن 90% الى 95% من نساء مصر عانين من ختان الإناث، حتى أن منظمة اليونيسيف صنفت مصر الاولى عالميا فى ختان الاناث.
بل الاخطر أنه وفقا للمسح السكانى لمصر 2014، هناك 82 % من عمليات الختان قام بها أطباء، مما يعنى عدم احترام الأطباء لآداب المهنة أو القانون، وهو ما يطرح تساؤلا حول الدور الرقابى لوزارة الصحة ونقابة الأطباء لمحاسبة من يخالفون آداب وأخلاقيات المهنة.
"ميار" ضحية جديدة لختان الإناث بالسويس
الطفلة "ميار" ادخلوها لإجراء عملية ختان اناث هى وشقيقتها التوأم فى احدى المستشفيات الخاصة بالسويس فتوفت " ميار" ونجت شقيقتها، والدة الفتاة تعمل ممرضة وأجرت العملية لابنتيها فى مستشفى خاص تعمل به على أيدى جراحة شهير فى السويس فتوفت ميار، النيابة قررت عرض جثة الطفلة على الطب الشرعى، للكشف عليها وإعداد تقرير عن أسباب الوفاة بعد إدعاء أسرتها أنها ماتت أثناء إجراء عملية إزالة كيس دهنى على الرحم.
كانت أسرة " ميار" طلبت تصريح دفن لها من مفتش الصحة الدكتور "صدقى سيدهم"، إلا انه شك فى ظروف الوفاة وأنها بسبب عملية ختان، ورفض استخراج تصريح دفن، وأبلغ الشرطة بالحادث، مؤكدا أمام النيابة أن سبب الوفاة هو حدوث نزيف أدى الى هبوط حاد فى الدورة الدموية نتيجة عملية ختان إناث وأكد ان شقيقة الطفلة المتوفية أجرت عملية ختان هى الاخرى فى نفس اليوم ولكنها عاشت.