نقلا عن برلمانى
تردد خلال الأيام الماضية، حديث واسع حول "العفو الرئاسى" عن مجموعة من الشباب المتهمين فى قضايا تتعلق بحرية الرأى والتعبير أو مسجونين على خلفية قانون التظاهر، الأمر الذى يثير عددا من التساؤلات حول ماهية العفو الرئاسى، والمحددات التى تحكم القرار والفرق بين العفو الرئاسى والعفو الشامل.
ووفقا لقراءة سريعة فى مواد الدستور وقانون العقوبات، نجد أن تعريف العفو الرئاسى هو قرار يصدر من رئيس الجمهورية بموجب صلاحياته فى دستور 2014 بنص المادة 155، التى تنص على: "لرئيس الجمهورية بعد أخذ رأى مجلس الوزراء العفو عن العقوبة، أو تخفيفها، ولا يكون العفو الشامل إلا بقانون، يُقر بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب."
وحددت المادة 155 من الدستور نوعين من قرارات العفو، وهما قرار العفو عن العقوبة، وقرار العفو الشامل، وهناك فرق بين القرارين، وشرح قانون العقوبات ضوابط لتطبيق قرار العفو عن العقوبة، وكذلك العفو الشامل.
قرار العفو عن العقوبة هو قرار لا يشترط لصدوره قانون ويصدر من رئيس الجمهورية لمن تم إدانته بحكم قضائى ويصدر قرار العفو عن العقوبة المحكوم بها، إما بإسقاطها كلها، أو بعضها، أو إبدالها بعقوبة أخف منها، فعلى سبيل المثال إذا كانت العقوبة الإعدام يستبدل بها عقوبة السجن المؤبد، أما بالنسبة لقرار العفو الشامل فلابد لصدوره قانون ويقر بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب.
والعفو عن العقوبة سواء كانت بإسقاط عقوبة الإعدام أو السجن أو الحبس أو بتخفيضها لا يشمل العقوبات التبعية إلا إذا نص قرار العفو على ذلك، والعقوبات التبعية المقصود بها فى قانون العقوبات على سبيل المثال العزل من الوظائف الأميرية، وكذلك وضع المحكوم تحت مراقبة البوليس، ومنع التحلى بأى رتبة أو نيشان.
أما قرار العفو الشامل هو قرار لابد أن يصدر فى شكل قانون وحسب نص المادة 155 من الدستور لابد أن يتم بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب وفى حال غياب مجلس النواب طبقا لنص المادة 156، التى تنص "إذا كان مجلس النواب غير قائم، يجوز له إصدار قرارات بقوانين، على أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال خمسة عشر يومًا من انعقاد المجلس الجديد، فإذا لم تعرض وتناقش أو إذا عرضت ولم يقرها المجلس، زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون، دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها فى الفترة السابقة، أو تسوية ما ترتب عليها من آثار".
ووفقا لنص المادة 76 من قانون العقوبات فإن العفو الشامل يمنع أو يوقف السير فى إجراءات الدعوى أو يمحو حكم الإدانة، ويتم بموجبه الإفراج عن المحبوسين على ذمة تحقيقات النيابة أو المحاكمة.
وطبقا لنص المادة 156 من الدستور يجب عرض قرارات العفو الشامل ومناقشتها والموافقة عليها خلال خمسة عشر يومًا من انعقاد مجلس النواب الجديد، فإذا لم تعرض وتناقش أو إذا عرضت ولم يقرها مجلس النواب زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها فى الفترة السابقة، أو تسوية ما ترتب عليها من آثار.
وقد تعمد دستور 2014 إلزام رئيس الجمهورية باستطلاع رأى مجلس الوزراء تجاه قرار العفو قبل اتخاذه، وذلك بعد الجدل الذى أثير بعد قرار الرئيس المعزول محمد مرسى بالعفو الرئاسى عن عدد كبير من الإرهابيين.
عصام الإسلامبولى: العفو الرئاسى سلطة فى يد الرئيس حددتها قانون العقوبات
وفى هذا السياق قال الفقيه الدستورى، عصام الإسلامبولى، إن العفو الرئاسى هو سلطة ممنوحة لرئيس الجمهورية، مشيرا إلى أن قانون العقوبات حدد الحالات التى يمكن من خلالها إصدار عفو لشخص معين، قائلا: "لابد أن يكون الحكم الصادر بالإدانة نهائيا وباتا، سواء كان صادر أمن محكمة النقض أو الجنايات".
وأضاف "الإسلامبولى" لـ"برلمانى"، أنه من الممكن العفو عن متهم على إثر قانون تم تعديله مثل قانون التظاهر، مؤكدا أن العفو لا يتعلق بالأحكام الغيابية التى تسقط فور إعادة إجراءات المحاكمة.
وأوضح الإسلامبولى أن هناك فرقا بين العفو الرئاسى الذى يقضى بإلغاء عقوبة ما أو تخفيفها، والعفو الشامل الذى يعنى سقوط التهمة التى حكم على أثرها الشخص ولم يعد لها وجود من الأساس.
محمود كبيش: العفو الرئاسى موجود فى كل دساتير العالم
وبدوره قال الدكتور محمود كبيش، عميد أستاذ القانون الجنائى، إن الدستور المصرى منح الرئيس سلطة العفو الرئاسى قائلا: "هذا القرار يدخل فى نطاق القرارات السيادية التى يتمتع بها رئيس الجمهورية".
وأضاف "كبيش" لـ"برلمانى"، أن العفو الرئاسى يعنى إسقاط أو تخفيف العقوبة، وليس عفوا عن الجريمة، قائلا: "العفو عن الجريمة يحتاج عفوا شاملا يحتاج لقانون وفقا لنص المادة 155 من الدستور، وبموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب".
وأشار إلى أن العفو الرئاسى موجود فى جميع دساتير العالم، والدستور يكفله كقرار سيادى لأى رئيس جمهورية على مستوى العالم وليس أمرا مستحدثا فى الدستور المصرى فقط.